إثر موسم جني غلّة الزيتون دافعت جمعيات حماية المستهلك بالمغرب عن ضرورة تأهيل عملية بيع زيت الزيتون التي تتمّ في قنوات تصعّب معرفة مصدرها، معتبرةً أن “القضاء على الغش الذي صار مستفحلا بطرق عديدة يتطلب تقنيات تستطيع أن تجعل من هذه الزيوت منتجات مراقبة ومؤهّلة، انطلاقاً من ترخيص صحي يساعد المستهلكين على اقتناء منتجات آمنة صحيا”.
ويرى “حماة المستهلك” الذين تحدثوا لهسبريس أن “اللجوء إلى الغش يعودُ إلى قلّة الغلة في المواسم الأخيرة، وارتفاع أثمان اللتر الواحد من زيت الزيتون”، محذرين من التداعيات التي يخلفها “خلط زيت المائدة بزيت الزيتون أو وضع عقاقير ومواد كيماوية داخلها”، ومشددين على أن “الظاهرة ليست جديدة وإنما سنة بعد سنة صارت تستفحل”.
غش مستشر
بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن “استشراء مختلف أنواع الغش في زيت الزيتون صار يتطلب منع بيع زيت الزيتون في القنينات إذا لم تخضع لمراقبة وتأشير من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية”، معتبراً أن “المشكلة التي يواجهها المغرب وتسمح بتفشي هذه الظواهر هو غياب عملية المراقبة”.
وعرض الخراطي نتائج متابعته الموضوع لجريدة هسبريس، إذ “بينت وجود حالات غشّ خطيرة في المعصرات العصرية، من قبيل خلط زيت الزيتون الطبيعية مع زيوت المائدة، وكذلك وضع عقاقير كيماوية”، مضيفا أن “السلطات تدخلت مرات كثيرة وأحبطت عبور هذه المواد الخطيرة إلى الأسواق، غير أن هذه الممارسات المشينة مازالت متواصلة بشكل مخيف”.
ولفت المتحدث عينه إلى “وجود عينات من الزيوت تتجول بشكل عشوائي وغير معروف مصدرها، ولا أين تمّ تحضيرها”، ومنبهاً إلى أن “بعضها تكون مجرد زيوت نباتية خالصة، ويتمّ خلطها مع مواد أخرى حتى تصبح شبيهة إلى حدّ كبير بزيت الزيتون”، وزاد: “هذه الزيوت قد تتضمّن مواد مسرطنة”.
وشدد الفاعل في حماية المستهلك على “ضرورة محاصرة هذه الزيوت بالتحديد، وإنهاء تواجدها في السوق، لما لها من ضرر على المستهلك”، مشيراً إلى “صعوبة أن يُطلب من الحكومة أن تضع مراقباً لدى كل منتج لزيت الزيتون، غير أن الترخيص الصحي يسهّل عملية المراقبة”، وأورد: “هذا الترخيص يُسهّل على المستهلك أن يعرف مصدر قنينة الزيت التي يقتنيها ومدى ملاءمتها معايير السلامة”.
الإرادة حلّ
بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، قال إن “الغش موجود ولا يمكن لأيّ كان أن ينكره”، مضيفاً أن “معالجة هذه الظاهرة صعبة لأنها لا تعني معصرة دون أخرى، بل هي كثيرة، مع كل التحفظ حتى لا يشعر الفاعلون جميعهم بأنهم متهمون”، وأفاد: “يوجد طبعا تجّار يراعون التعامل الأخلاقي السليم ويحترمون القوانين التي تؤطر علاقتهم بالمستهلك”.
وضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية لفت موجي إلى “وجوب إخضاع جميع معاصر الزيتون للمراقبة، بالنّظر إلى الكُلفة المرتفعة التي يخلقها الغش بالنسبة للدولة، فحين يمرضُ المستهلك فتكلفة ذلك لن تكون سهلة”، معتبراً أن “هذا المنظور البرغماتي والواقعي هو الذي يتعيّن أن تنطلق منهُ السلطة التّنفيذية لتوفير الإرادة الحقيقيّة للقضاء على المُعضلة”.
كما أشار المتحدّث إلى “ضرورة تأهيل الزيوت لتكون منتشرة وفق ضوابط تستطيع السلطات المكلفة بالسلامة الغذائية تتبّعها”، مشددا على “العناية اللازمة بالمستهلك، لكون زيت الزيتون مادة أساسية وحيوية في موائد المواطنين المغاربة”، وأردف: “المعمول به اليوم أن الثقة هي العامل الوحيد في اقتناء هذه الزيوت، مع أنه من الصعب تماما معرفة هل هي زيوت أصلية أو مغشوشة”.