أخبار عاجلة

د. محمد كامل أحمد يكتب: "الجامعة.. قاطرة الأمة 3"

د. محمد كامل أحمد يكتب: "الجامعة.. قاطرة الأمة 3"
د. محمد كامل أحمد يكتب: "الجامعة.. قاطرة الأمة 3"

إن الهدف الأسمى للعلوم هو فحص ومعرفة خصائص الموارد وتركيبها وفوائدها أو أضرارها، ووضع نظريات لحسن إدارتها وتجنب ما قد تسببه من مشاكل نتيجة سوء استخدام تلك الموارد، ثم تأتي أهمية العلوم الإنسانية للحفاظ على الإرث المتوارث من لغة وقيم وأعراف وتوثيقها وتنظيمها من أجل الحفاظ على هوية الأمم حتى لا تتلاشى من خريطة الأرض. 

ودعونا نتفق أن ضرورة وجود مؤسسات تعليمية يقوم أهلها بتعليم الشعب من خلال النقل الموثق والتأهيل لخلق أجيال هم بمثابة رسل المؤسسة الذين ينتشرون في ربوع الوطن لتطبيق ما تعلموه في تطوير وحل مشاكل الوطن وتوريث ثقافة الأمة، بالإضافة لتعلم ثقافات الأمم الأخرى ونقل خبراتها من أجل التطوير والتنافس.

تتباين اقتصادات الدول طبقا لمدى غناها بموارد دون غيرها طبقا لظروفها البيئية، فمثلًا الغلات الزراعية، نجد أن المناطق الاستوائية تختلف عن المناطق الباردة في منتجاتها الزراعية، فالبن والموز والكاكاو تميز المناطق الدافئة عن غيرها، ومن المنطقي أن تهتم دول المناطق الدافئة بنوعية وإنتاجية تلك الغلات والصناعات القائمة عليها، وطبيعي أن يكون البحث العلمي متقدمًا فيما يتعلق بتلك الموارد. 

مع تقدم البحث العلمي وتكنولوجيا زراعة الصوب، لجأت بعض الدول لتقليل اعتمادها على الغير قدر الإمكان. ومع سرعة التنافس العلمي بين الدول، تباينت إلى دول متقدمة علميًا ودول نامية، ولما زادت الفجوة، فرضت الدول المتقدمة سطوتها على الدول النامية بقوة السلاح وفرضت عليها سياستها، فنجد مثلًا أن دول الخليج غنية بالنفط والغاز، ولكن الشركات القائمة باستخراجه شركات عابرة للقارات تشارك الدول المتخلفة في مواردها بصورة مجحفة ولم تترك لها إلا صناعات بسيطة ذرًا للرمل في العيون. وحددت للدول التي تخلفت واعتمدت على الغلات الزراعية سياستها الزراعية ومساحة مجالات البحث العلمي الذي تعمل فيه. 

ولذلك، غالبية الجامعات الأكثر تقدمًا في البحث العلمي تجدها في الدول المتقدمة، مما جعل جامعات الدول المتخلفة تابعة علميًا للدول المتقدمة، ومن هنا نخلص إلى أن الدول المتخلفة مستعمرة علميًا واقتصاديًا من قبل الدول المتقدمة.

لقد أدت الظروف السابقة إلى فجوة علمية كبيرة بين البحث العلمي في الدول المتقدمة والدول المتخلفة، مما ألجأ الدول المتخلفة إلى نقل تجارب الدول المتقدمة في كل المجالات، ففي التعليم، نقلت مصر تجارب الغرب والشرق من أول الجامعة الأمريكية حتى اليابانية، ومع ذلك لم تصبح مصر كأمريكا أو اليابان، بل على العكس، ضاعت الهوية المصرية ولم تصبح هويتنا وفلسفتنا أمريكية أو يابانية، وانحدر التعليم في مصر إلى أدنى مستوياته.

لقد وصل الأمر إلى أن انشغل العالم المتخلف بقضايا عالمية ليس هو طرف فيها، فالتلوث والاحتباس الحراري والتغير المناخي هي قضايا سببتها الدول الصناعية، سواء بقصد أو بدون، إلا أن ذلك فرض قيدًا على تطور الدول المتخلفة، مما جعل البحث العلمي إن وجد مخصصًا لحل مشاكل الدول المتقدمة، وإهمال تنميتها ودخولها دائرة التطور أو المنافسة، فكيف تنافس الدول المتخلفة أو تتطور وهي تحت تبعية وسطوة الدول المتقدمة كما نرى في التجربة الإيرانية؟ فلقد كانت الصين من الدول المتخلفة وأصبحت الآن دولة يخشاها الغرب، وسبب ذلك استقلاليتها العلمية واعتمادها على الذات حتى غزت أمريكا والغرب.

إن تطور الأمم يشبه تمامًا نمو الكائنات، فيمر بمرحلة نمو جسدي، ومتى اكتمل نموه الجسدي تحول إلى مرحلة الإنتاج والتصدير. فالنبات لا ينتج ثمارًا إلا إذا اكتمل نموه الجسدي، وكذلك الحيوان لا يلد إلا بعد اكتمال نموه. 

إن ما نقوم به من نقل تجارب الآخرين هو ببساطة عملية استنساخ لا أكثر، قد تؤدي إلى تلاشي الهوية تمامًا سواء علميًا أو ثقافيًا، ويبقى السؤال الأكثر أهمية: كيف نتحول من دولة متخلفة إلى دولة نامية؟ وكيف نربط الجامعة المصرية بالهوية المصرية لتكون هناك مدرسة علمية مصرية وتجربة مصرية خالصة؟.. وللحديث بقية.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق فرص عمل تعلنها النقل البرى بمرتبات مجزية اعرف الأوراق والشروط المطلوبة
التالى عودة أفشة ومركز جديد لـ عبد الفتاح.. واستمرار كهربا في تشكيل كولر الرسمي ضد أبيدجان