خمسة أسابيع بالتمام والكمال مرت على التعديل الحكومي الأخير الذي عرفته حكومة عزيز أخنوش بدون القيام بتفويض الاختصاصات لصالح 4 من أصل 6 كتاب دولة ضمّهم الجسم الحكومي في صيغته الجديدة، مقابل تفويضها لصالح اثنين منهم فقط.
ويتعلق الأمر بكل من أديب بن براهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مكلف بالإسكان، وعمر حجيرة، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة مكلف بالتجارة الخارجية، وعبد الجبار الراشدي، كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة مكلف بالإدماج الاجتماعي، وهشام صابري، كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات مكلف بالشغل.
ولم تُفوَّض لكتاب الدولة هؤلاء، المنتمين إلى حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، اختصاصاتهم وصلاحياتهم بعدُ لتمكينهم من القيام بأدوارهم كمكلفين بإدارة شؤون ملفات ذات طابع اجتماعي واقتصادي، في حين إن كاتبيْ الدولة لحسن السعدي وزكية الدريوش حصلا على اختصاصاتهما خلال الأسبوع الموالي لتعيينهما، وفق قرارين صدرا ضمن العدد 7328 من الجريدة الرسمية الصادر في 29 أكتوبر الماضي.
ويأتي كتاب الدولة في آخر التراتبية الحكومية بعد كل من رئيس الحكومة والوزراء والوزراء المنتدبين، كما لا يحضرون أشغال المجلس الوزاري الذي حدد الفصل 48 من الدستور المعنيين به، وهم الوزراء والملك، على أن يمارس هؤلاء صلاحياتهم انطلاقا من الاختصاصات التي يفوضها لهم الوزراء.
ويرى رشيد لزرق، محلل سياسي أستاذ العلوم السياسية، أن “إعطاء الصلاحيات لكاتب الدولة، حسب ما يظهر، يقف على شخصية هذا الأخير ومكانته السياسية ومدى قربه وعلاقته برئيس الحكومة، في الوقت الذي كانت تتم الإشارة إلى أن تعيين كُتاب الدولة كان مجرد ترضيات حزبية لا غير بعدما تم إلحاق كل واحد منهم بقطاع يديره زميل له في الحزب”، وفق تعبيره.
واعتبر لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “عدم منح الاختصاصات لأربع من كتاب الدولة المعينين إلى حدود الساعة، يُبرز بشكل أو بآخر أنه تمت فقط محاولة إثارة النقاش بالتعديل الحكومي الأخير، خصوصا وأنه تضمن تعيين كتاب دولة”.
وجوابا منه على سؤال بخصوص ما إذا كان سبب التأخر مرتبطا بالوقت فقط، ذكر المحلل ذاته أنه “يصعب الاعتداد بهذا العامل في هذه الحالة، إذ يكون هناك مبدئيا قبل التعديل الحكومي تصور يخص طريقة تفويض الوزير للصلاحيات والاختصاصات لكاتب الدولة، وماهية هذه الاختصاصات”، مستبعدا كذلك “وجود أخذ ورد بين الوزراء وكتاب الدولة كما حدث خلال الولاية الحكومية الأخيرة على سبيل المثل”.
متحدثةً عن تأخّر تفويض الاختصاصات لكتاب الدولة المعينين مؤخرا، قالت كريمة غراض، باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن “هذا لا يعني أن هناك أزمة تنظيمية داخل الأغلبية، بل هناك تناغم كبير، بدليل أن كتاب الدولة الجدد ينتمون إلى أحزاب الوزراء الأوصياء على القطاعات التي عينوا بها، ويمارسون مهامهم منذ تعيينهم، وليس كما وقع في حكومة العثماني عندما تم إلغاء كتابة الدولة في الماء دون إخبار الحزب المعني بالحقيبة وكاتبة الدولة الوصية على القطاع”.
وأوضحت غراض، في تصريح لهسبريس، أن “تفويض الاختصاصات كما لاحظنا تأخر عن بعض القطاعات الحيوية”، مشيرة إلى أنه بموجب التعديل الحكومي الأخير “عرفت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، لأول مرة في تاريخها، كتابة الدولة مُكلفة بالشغل وتشريعاته وتهيئة أجندة الحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين، بعدما عرفت هذه الوزارة منذ حكومة التناوب كتابة الدولة في التكوين المهني فقط”.
وذكرت الباحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري أنه “تم كذلك إحداث كتابة الدولة مكلفة بالإدماج الاجتماعي، تابعة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بمعنى أن هناك هيكلة جديدة في بعض الوزارات”، متابعة: “أكيد ستحتاج هذه المسألة بعضا من الوقت لإعادة التنظيم الإداري للمؤسسات التابعة لها، لكن يجب ألا يستغرق ذلك كثيرا، نظرا لأهمية الملفات المطروحة في الوقت الراهن، ولا سيما الاجتماعية منها”، مؤكدة في الأخير أنه “حتى لا ننسى، فحكومة عزيز أخنوش استوفت نصف ولايتها وستبقى سنة 2025 بالنسبة لها تهييئية لانتخابات 2026، في وقت مازالت فيه العديد من الملفات الحارقة عالقة”.