في الوقت الذي تسلط فيه الأضواء على نجاح المدرب الهولندي آرني سلوت مع ليفربول وتسجيل انطلاقة تاريخية بالنسبة لمدرب يخوض موسمه الأول مع أحد أندية البريميرليغ، من خلال تحقيق 17 انتصاراً في 19 مباراة عبر مختلف المسابقات، فإنه لم يعد خافياً على أحد أن تجديد عقد محمد صلاح الذي ينتهي في شهر يونيو/ حزيران المقبل قد بدأ يتحول إلى ما يشبه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
أزمة عقد محمد صلاح خرجت على العلن بعد مباراة ليفربول مع ساوثهامبتون في الجولة (12) من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي المباراة التي نجح فيها صلاح بإنقاذ الريدز من الهزيمة وقلب النتيجة إلى انتصار (3-2) بفضل الهدفين اللذين رفع بهما رصيده إلى 10 أهداف في المركز الثاني على لائحة الهدافين خلف النرويجي إيرلينغ هالاند. مما زاد الجدل حول عقد محمد صلاح ومستقبله الغامض.
هذه الثنائية أوصلت صلاح إلى الهدف رقم 100 بعيداً عن ملعب (أنفيلد رود) ليصبح ثالث لاعب في تاريخ ليفربول يسجل مئة هدف خارج الديار على خطى الأساطير إيان راش (161) وروجر هانت (112)، كما أنها جعلته يسجل عشرة أهداف على الأقل للموسم الثامن توالياً.
صلاح خرج عن صمته بعد المباراة ليقول: (إنه أقرب لأن يكون خارج ليفربول من أن يكون داخله)... في رسالة واضحة تعبر عن استيائه من عدم استجابة إدارة نادي الميرسيسايد لطلباته بشأن تجديد عقده.
جماهير الريدز تنحاز إلى صلاح
جماهير الريدز تلقت رسالة صلاح بوضوح وقررت الانحياز إلى صفه من خلال رفع لافتة عملاقة في مباراة الفريق أمام ريال مدريد حملت صورة صلاح وكتب في أسفلها: (إنه يطلق قوسه فأعطوه ما يحتاجه) في إشارة إلى طريقة احتفال النجم المصري الجديدة، وهتفت جماهير الريدز قبل المباراة مطالبة ملاك النادي بتجديد عقد محمد صلاح والاستجابة لكل رغباته بأي شكل، خاصة أنه يعيش موسماً استثنائياً وضع فيه فريقه ليفربول في موقف جيد للغاية خلال النصف الأول من مرحلة الذهاب في البريميرليغ وكذلك في مسابقة دوري الأبطال التي يتصدرها بالعلامة الكاملة بـرصيد 15 نقطة من خمس مباريات.
المواجهة مع النادي الملكي التي انتهت بفوز ليفربول بهدفين دون رد، منحت صلاح أول انتصار له في تاريخ لقاءاته التسع مع نادي العاصمة الإسبانية، لكن (مو) أهدر خلال المباراة ركلة جزاء بشكل غريب، تفاعلت معها وسائل الإعلام بشكل كبير، إلى درجة أن أحد الأسئلة التي وجهت إلى المدرب (سلوت) في المؤتمر الصحفي كانت تشير إلى إمكانية أن يكون إهدار الركلة له علاقة بالتشتت الذهني الذي بات يعيشه صلاح نتيجة التأخر في تقديم عرض له لتجديد عقده.
عقد محمد صلاح.. أزمة انتقلت إلى استديوهات التحليل
مما لا شك فيه أن إدارة ليفربول ترغب وبشدة في الاحتفاظ بصلاح لموسم أو موسمين إضافيين، والوقوف في وجه كل الإغراءات المادية التي تصله من أندية سعودية وأمريكية، لكن التخطيط للمستقبل واستخدام الموارد المالية بحكمة يجعل من إمكانية الاستجابة لطلبات صلاح المادية والمتعلقة بمنحه عقداً يمتد لثلاث سنوات مع زيادة في أجره الحالي والبالغ (350 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً) وهو الأعلى في النادي، يجعل الأمر معقداً بعض الشيء، خاصة أن صلاح سيدخل الموسم المقبل وهو في سن الثالثة والثلاثين، علماً أن الإدارة تواجه معضلة مشابهة بالنسبة لتجديد عقد كل من المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك، وزميله في الخط الخلفي الإنجليزي الدولي ترينت ألكسندر أرنولد اللذين تنتهي عقودهما أيضاً في الصيف المقبل.
أزمة تجديد عقد محمد صلاح انتقلت إلى إستديوهات التحليل في القنوات البريطانية؛ إذ انتقد المدافع السابق لفريق ليفربول جيمي كاراغر مطالب صلاح ووصفه بالأناني الذي يهتم لمصالحه فقط، في حين تضامن مهاجم الريدز الأسبق مايكل أوين مع صلاح مشيراً إلى أن من حقه أن يطالب بما يرى أنه ضمانة لآخر عقد يمكن أن يوقعه في مسيرته الكروية، وأن إدارة ليفربول يجب ألا تنظر إلى مسألة العمر لأن النجم المصري يبدو لائقاً للغاية من الناحية البدنية والفنية.
مواجهة السيتزنز نقطة تحول
ليس من عادة النجم المصري أن يخرج إلى وسائل الإعلام ليتحدث عن أمور تتعلق بعقده، لكن عودة الحديث عن عقد محمد صلاح في أسبوع حاسم واجه فيه الريدز فريق ريال مدريد في (أنفيلد رود)، بينما تنتظره مواجهة مفصلية في الملعب ذاته أمام أقرب ملاحقيه في السباق على لقب البريميرليغ، وحامل اللقب في المواسم الأربعة الماضية (مانشستر سيتي)، يحمل بالتأكيد دلالات كثيرة تشير إلى رغبة صلاح في وضع المزيد من الضغوطات على مفاوضيه من أجل التوصل إلى اتفاق مرضٍ له، لا سيما مع تألقه اللافت في الجولات الأخيرة.
وسيكون من شأن المساهمة في تحقيق الانتصار على السيتزنز في أمسية الأحد (سواء بتسجيل الأهداف أو صناعتها) وضع إدارة الريدز في موقف لا تحسد عليه، علماً أن صلاح لعب ضد مانشستر سيتي 21 مباراة، فاز في سبعة منها وتعادل في ستة وخسر ثمانية، ومن خلالها سجل 11 هدفاً وصنع ستة أهداف أخرى ليكون السيتي من بين الخصوم المفضلة لدى الفرعون المصري.
أما على مستوى بطولة الدوري وحدها فقد واجه صلاح مانشستر سيتي بقميص الريدز في ملعب أنفيلد سبع مرات، قاد خلالها فريقه إلى الفوز بثلاث مباريات والتعادل في مثلها مقابل خسارة واحدة تعود لموسم 2020-2021.
ومع 12 هدفاً و10 تمريرات حاسمة في 19 مباراة في جميع المسابقات، وصل النجم المصري إلى معدل مساهمة بلغ هدفاً كل 65 دقيقة، ولا يبدو بعيداً عن تحقيق الموسم الأكثر إنتاجية له في مسيرته، وتخطي موسمه الرائع 2017-2018 عندما سجل 44 هدفاً وأسهم بـ14 تمريرة حاسمة ليبلغ معدل مساهمته هدفاً كل 71 دقيقة. فهل تشكل مواجهة السيتزنز المنعطف الحقيقي لحل أزمة تجديد عقد محمد صاح مع ليفربول أم للحكاية فصول أخرى قادمة؟