في خطوة جديدة نحو تعزيز الروابط الشعبية بين دول الخليج العربي والمغرب، قمت مؤخراً بزيارة المملكة المغربية الشقيقة على رأس وفد من «خليجيون في حب مصر» برفقة الأخ العزيز محمد يحيى، وهي المبادرة التي أثبتت نجاحها في تعزيز العلاقات الخليجية المصرية على مختلف الأصعدة.
وقد حملت هذه الرحلة في طياتها رسالة محبة وتعاون قوية تهدف إلى دعم قضايا المغرب العادلة، وكذلك تعزيز الدبلوماسية الشعبية كوسيلة فعالة للتقارب بين الشعوب العربية.
في بداية هذه الرحلة، تلقينا دعمًا كبيرًا من المسؤولين في المملكة المغربية، خاصة من معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بمبادرتنا وأكد على أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية. وهو ما يعكس اهتمام المغرب الكبير بتعميق العلاقات مع دول الخليج وتعزيز التعاون الثنائي في كافة المجالات.
ويأتي ذلك في وقت أكد فيه مجلس دول التعاون الخليجي في قراره الأخير على دعم ومناصرة المغرب في قضية الصحراء المغربية، حيث شدد المجلس على مواقفه الثابتة في دعم مغربية الصحراء وحماية وحدة أراضي المملكة المغربية.
إن هذه الرسائل من الدعم السياسي والتضامن تعكس عمق العلاقات بين المملكة المغربية ودول الخليج، وتؤكد على أهمية استمرار التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية. ويعكس قرار مجلس التعاون دعمًا حازمًا للمملكة في موقفها التاريخي الذي يجسد الالتزام العربي المشترك في الدفاع عن القضايا العادلة.
من هنا، تأتي أهمية الدبلوماسية الشعبية التي تسهم بشكل رئيسي في بناء جسور التواصل بين الشعوب، بعيدًا عن السياسة الرسمية التي قد تتسم أحيانًا بالتعقيد. من خلال جمعيات مثل «خليجيون في حب مصر» و«خليجيون في حب المغرب»، نعمل على توثيق العلاقات بين الشعوب، وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والسياحي. فالشعار الذي تحمله هذه الجمعيات «الترابط الشعبي» يمثل روح التعاون والحب بين المواطنين العرب، بغض النظر عن حدود السياسة الرسمية.
إن الدور الذي تقوم به هذه الجمعيات في تعزيز التفاهم الشعبي بين الدول العربية هو في غاية الأهمية، ويظهر كيف يمكن للمبادرات الشعبية أن تكون لها تأثير كبير في دعم قضايا البلدان العربية. وفي هذا السياق، فإنني أخص بالشكر معالي وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي أظهر حفاوة الاستقبال وحرصه على دعم هذا النوع من الدبلوماسية، حيث استمع بتقدير لمبادرتنا ورؤيتنا في بناء علاقات مستدامة بين شعوبنا.
في خطوة أخرى تعكس أهمية العمل المشترك بين الشعوب العربية في العصر الرقمي، قمنا بطرح مبادرة من قبل بيت الكويت للأعمال الوطنية، لتفعيل دور الاتحاد العربي لأصحاب المواقع الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، ليحتضن ويضم تحت رايته المواقع الإلكترونية المغربية. إذ يعتبر الاتحاد كيانا مهمًا في دعم الإعلام العربي وحمايته، حيث يعمل على توحيد الرؤية الإعلامية العربية ويواجه التحديات التي قد تتعرض لها مواقع الإنترنت العربية، من بينها التصدي للذباب الإلكتروني الذي يسعى إلى زعزعة استقرار أوطاننا.
من خلال هذا التعاون، نأمل أن يتم دعم المواقع المغربية وتعزيز قدرتها على نشر الرسائل الداعمة لقضايا المغرب العادلة، بما في ذلك قضية الصحراء المغربية. هذا التعاون يعد خطوة مهمة في تعزيز الرسالة الإعلامية العربية وتوفير بيئة إعلامية آمنة وفعالة لتمكين الشعوب العربية من التعبير عن قضاياهم وهمومهم.
إن الزيارة التي قمت بها كانت نقطة انطلاق لبناء علاقات شعبية أعمق بين دول الخليج والمغرب. حيث استطعنا من خلالها الإعلان عن إطلاق جمعية «خليجيون في حب المغرب»، التي ستكون بمثابة بوابة شعبية لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياحي بين دول الخليج والمملكة المغربية. كما تم الاتفاق على تشكيل وفد إعلامي مشترك لزيارة المناطق الصحراوية في المغرب، بما في ذلك العيون والحسيمة، بهدف تعزيز الوعي العالمي حول أهمية دعم قضية المغرب في المحافل الدولية.
إن هذه الرحلة تعكس تنامي العلاقات بين الدول العربية، حيث يتم تفعيل الدبلوماسية الشعبية إلى جانب الدبلوماسية الرسمية لتحقيق أهداف مشتركة. ومن هنا، نؤكد على أن هذا النوع من التعاون سيعزز مكانة العالم العربي على الساحة الدولية ويوحد الجهود من أجل خدمة قضايا شعوبنا وأوطاننا.
وفي الختام، فإن هذه الزيارة تفتح آفاقًا جديدة نحو مزيد من التعاون العربي المشترك، سواء في المجال الاقتصادي أو السياحي أو الثقافي.
كما أن جمعيات مثل «خليجيون في حب مصر» و«خليجيون في حب المغرب» وغيرها من المبادرات الشعبية ستظل تمثل نموذجًا يحتذى به في التعاون بين شعوب الدول العربية. ننتظر الآن بشغف المرحلة القادمة من هذه المبادرات، حيث سنطلق قريبًا جمعيات مشابهة في دول أخرى مثل موريتانيا، التي ستسهم في تعزيز الترابط الشعبي العربي.
وفي النهاية، أتوجه بجزيل الشكر إلى سعادة السفير علي بن عيسى سفير صاحب الجلالة في الكويت، ومعالي وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وكل من أسهم في إنجاح هذه المبادرة، ونتطلع إلى المزيد من التعاون والتقدم نحو تعزيز أواصر المحبة والتآخي بين الشعوب العربية.
ولا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى سعادة السيد محمد آيت أوعلي، سفير المملكة المغربية لدى جمهورية مصر العربية، على دعمه الكريم وتعاونه المثمر في تسهيل منح التأشيرات للوفد المرافق. إن جهود معاليه تعكس حرصه الدائم على تعزيز أواصر العلاقات الأخوية بين البلدين، وتؤكد التزامه بتقديم الدعم اللازم لكل من يحتاجه. كما نتوجه بالشكر الجزيل للمستشار عزيز الأشوري، مستشار وزير الخارجية، على دوره الفاعل وتعاونه البناء، والذي كان له بالغ الأثر في إنجاح هذه الإجراءات. تظل هذه المواقف النبيلة شاهدة على عمق العلاقات الأخوية بين الكويت والمغرب، وتعزز من روح التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين.
وترقبوا مقالي القادم بعنوان «خليجيون في حب موريتانيا».. فلدينا المزيد لكل أوطاننا العربية وشعوبنا من المحيط إلى الخليج.
د. يوسف العميري