تنظم وزارة الفلاحة الأمريكية أول بعثة تجارية لها إلى المغرب، وهي الأكبر من نوعها على مستوى القارة الإفريقية، بهدف تعزيز العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمغرب وغرب إفريقيا، وفتح آفاق جديدة لتسويق المنتجات الفلاحية.
البعثة التي تضم 26 شركة زراعية أمريكية و21 من قادة التعاونيات و14 وزارة فلاحية أمريكية، ستشهد، وفق بلاغ للسفارة الأمريكية بالرباط، عقد لقاءات مباشرة مع فاعلين مغاربة وأفارقة لاستكشاف التوجهات الجديدة في سوق الأغذية وتقييم الطلب على المنتجات الفلاحية.
وباعتبار الولايات المتحدة الأمريكية أكثر اعتمادا على التقنيات المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة في المجال الزراعي، يرى خبراء زراعيون أنه من خلال التعاون الأمريكي-المغربي قد يشهد القطاع الفلاحي المغربي تحولا جذريا.
في هذا السياق، قال الخبير الزراعي كمال أبركاني، أستاذ في الكلية متعددة التخصصات بالناظور متخصص في الهندسة والعلوم الزراعية، إن زيارة البعثة الأمريكية الأخيرة إلى المغرب ستؤثر بشكل إيجابي كبير على الزراعة المغربية، لا سيما في ظل معاناة الزراعة المغربية من إكراهات عدة في السنوات الأخيرة، أبرزها الجفاف وارتفاع الأسعار نتيجة الأوضاع الدولية.
وأضاف أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، أن التعاون مع الولايات المتحدة، التي تعد من أبرز الدول الرائدة في الزراعة، “سيكون مفيدا لتعزيز الإنتاج الزراعي في المغرب”، موردا أن الولايات المتحدة الأمريكية “تتميز بتفوقها في مجالات التكنولوجيا الزراعية والبحث العلمي، حيث تمتلك مؤسسات وجامعات رائدة على المستوى الدولي، وهي سباقة في اعتماد التكنولوجيا الحديثة في الزراعة، مثل الزراعة الدقيقة ورقمنة المزارع”.
وأشار إلى أن المغرب يمكن أن يستفيد بشكل كبير من التجارب الأمريكية في مجالات الرقمنة وإدارة الموارد، وخاصة في ما يتعلق بالاستعمال المعقلن للماء والأسمدة والأدوية، علاوة على أن “التعاون بين الولايات المتحدة والمغرب في المجال الفلاحي له تاريخ طويل، حيث يعتبر المغرب بوابة للأسواق الإفريقية والأوروبية، مما يعزز فرص استثمار الشركات الأمريكية في القطاع الفلاحي المغربي، الذي بدوره لديه زراعات هامة، مثل الأركان، التي يمكن أن تستفيد من التكنولوجيا التحويلية الأمريكية لتطوير هذه المنتجات وزيادة جودتها”.
وأبرز الأستاذ الجامعي ذاته أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك تجارب مهمة في مواجهة تحديات الجفاف، وخاصة في ولايات مثل كاليفورنيا وأريزونا، يمكن أن يستفيد منها المغرب في تطوير زراعات مقاومة للجفاف وتحسين استراتيجيات الإنتاج في المناطق الجافة. وأوضح أن هذه الشراكة يمكن أن تسهم في تعزيز الأمن الغذائي بالمغرب عبر استراتيجيات إنتاج محكمة.
وخلص الخبير في الهندسة والعلوم الزراعية إلى أن برامج التعاون الأكاديمي والعلمي بين البلدين، مثل برنامج “فولبرايت”، يمكن أن تدعم البحث العلمي التطبيقي في المجال الفلاحي، مشددا على أن هذه الشراكة “ستسهم على المدى المتوسط في تطوير الزراعة المغربية وجعلها أكثر استدامة وقدرة على مواجهة التحديات المناخية”.
من جانبه، اعتبر عبد الله أبودرار، أستاذ باحث بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، أن التكنولوجيا والابتكار في الزراعة هما المستقبل، خاصة في خضم التحديات المناخية ونقص الماء من جهة، وتدهور الموارد الطبيعية من جهة أخرى، لا سيما التربة والتنوع البيولوجي، زيادة على التحديات الجيو-سياسية والاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمدخلات الفلاحية، بل وحتى المواد الغذائية.
وأضاف أبو درار، ضمن تصريح لهسبريس، أن كل هذه التحديات “تحتم علينا استعمال التكنولوجيات الحديثة للإنتاج الزراعي بطريقة فعالة ومرنة ومستدامة، مع استعمال أقل للمدخلات والطاقة، وكذلك المحافظة على الموارد الطبيعية”.
وأشار الأستاذ الباحث ذاته إلى أنه لتطوير واستعمال وتبني هذه التكنولوجيات الحديثة في الميدان الزراعي، “لا بد من الاستعانة بالتجارب الغربية التي سبقتنا في هذا المجال، ومن بينها الخبرة الأمريكية من خلال البعثة المنظمة حاليا بالمغرب”.