رغم وعود شركات النفط والغاز بالإسهام في خطط تحول الطاقة بالمملكة المتحدة ومبادرات خفض انبعاثات حوض بحر الشمال، فإن هذه الوعود ما زالت بعيدة عن خططها الاستثمارية متوسطة الأجل.
في هذا السياق، كشفت دراسة تحليلية حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- حقائق صادمة حول ضعف خطط استثمار شركات التنقيب العاملة بمنطقة بحر الشمال البريطاني في مصادر الطاقة المتجددة، مقابل إنفاقها بسخاء على المصادر الهيدروكربونية .
وأظهرت نتائج الدراسة أن 74% من شركات النفط والغاز العاملة بحوض بحر الشمال تخطط للاستثمار فقط في الوقود الأحفوري حتى عام 2030، بينما تعتزم 8% منها منها فقط الاستثمار في الطاقة المتجددة.
وحظرت حكومة حزب العمال الجديدة التراخيص الجديدة في مجال التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، ورغم ذلك فقد سمحت للحقول والتراخيص القائمة باستمرار العمل.
كما أعلنت عدم إلغاء التراخيص الجديدة التي مُنِحتْ وعلى وشك التنفيذ، ما يعني أن شركات النفط والغاز ما زال أمامها فرصة للعمل في عدّة حقول محتملة دخلت في المراحل الأولى من التراخيص.
خطط شركات النفط والغاز في بريطانيا
أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خطط شركة بريطانيا العظمي للطاقة (Great British Energy company)، وهي شركة جديدة مملوكة للدولة، سيكون مقرّها مدينة أبردين، معقل صناعة النفط والغاز في بحر الشمال.
ومن المقرر أن تستثمر هذه الشركة بكثافة في مشروعات الطاقة المتجددة ببحر الشمال، ضمن إطار تأكيد التزام الحكومة بالتحول العادل إلى الطاقة النظيفة، عبر توفير وظائف جديدة بدلًا من الوظائف التي ستندثر مع خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وكانت شركات النفط والغاز من أكبر المهاجمين لخطّة حزب العمال لحظر أنشطة التنقيب الجديدة في بحر الشمال، وكان هذا الجدل محتدمًا في أثناء الحملات الانتخابية خلال شهر يونيو/حزيران 2024، لكن حزب العمال فاز بها في النهاية.
وتُظهر نتائج الدراسة الجديدة، التي أجرتها منظمة أبليفت (Uplift) البريطانية غير الربحية، أن صناعة النفط والغاز البريطانية ليس لديها إلّا خطط محدودة للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة حتى عام 2030.
وكشف تحليل بيانات الاستثمار أن 7 شركات فقط من أصل 87 شركة في بحر الشمال تخطط للاستثمار بمشروعات الطاقة المتجددة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتعتزم شركتان فقط من هؤلاء السبع نقل أكثر من 50% من محافظها الاستثمارية إلى مشاريع الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
ورغم ذلك، فمن المثير للسخرية أن إحدى هذه الخطط السبع للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مخصصة لمحطات طاقة الرياح ستُستعمل في تشغيل منصات إنتاج النفط والغاز، بحسب الدراسة.
كما أظهرت النتائج التي نشرها موقع ذا ناشيونال أن 6 شركات نفط وغاز بحرية فقط استثمرت بمشروعات الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة منذ عام 2015 حتى الآن.
مطالب بتقليص نفوذ صناعة الوقود الأحفوري
من المؤكد أن معظم مشغّلي صناعة الوقود الأحفوري ببحر الشمال ليس لديهم أيّ نية للاستثمار في الطاقة المتجددة، ولا يهتمون إلّا بالاستفادة من النفط والغاز ما دامت احتياطيات بحر الشمال المتضائلة تسمح بذلك.
ومع ذلك، يعتقد مشغّلو صناعة الوقود الأحفوري أنهم شركاء رؤساء بتحول الطاقة في المملكة المتحدة، وهو اعتقاد خيالي سمح لهم، حتى هذه اللحظة، بأداء دور محوري في تحديد شكل ومعدل تحول الطاقة ببحر الشمال، بحسب المديرة التنفيذية لمنظمة أبليفت، تيسا خان.
وتدعو المنظمة وعدد من الكيانات الحقوقية إلى تقليص تأثير صناعة الوقود الأحفوري في صنع السياسات بمنطقة بحر الشمال بسبب إخلافها وعودها في ضخ مزيد من الاستثمارات بالطاقة المتجددة.
ووقّع أكثر من 250 منظمة وفردًا رسالة مفتوحة تطالب رئيس الوزراء كير ستارمر برفض تطوير شركة إكوينور النرويجية وإيثاكا إنرجي البريطانية، لحقل نفط بحر الشمال، روزبانك، في محاولة للحدّ من صناعة النفط والغاز.
ويشدد عضو حزب الخضر الإسكتلندي، باتريك هارفي، المشارك في الدراسة، على أن الانتقال إلى مستقبل أكثر اخضرارًا لا يمكن أن يحدث دون جهد كبير لا رجعة فيه من جانب الحكومات والشركات.
وقال هارفي، إن تكلفة التقاعس عن تعزيز الطاقة المتجددة أصبحت باهظة للغاية، كما أن أزمة المناخ أكدت أن الاعتماد على عمالقة الوقود الأحفوري ما هو إلّا وهم كبير، بالنظر إلى سجلّهم التاريخي الطويل والمخزي في التصدي للتغير المناخي، على حدّ تعبيره.
وتتوقع الدراسة أن تمثّل الطاقة المتجددة نحو 63% من استثمارات تحول الطاقة في المملكة المتحدة، لكن حصة إنفاق صناعة الوقود الأحفوري ستتوقف عند 10% فقط من هذه الاستثمارات بحلول عام 2030.
وكانت الحكومة البريطانية قد توصلت إلى إطار طوعي مع شركات النفط والغاز بشأن تحول الطاقة في بحر الشمال عام 2021، على أمل أن تخصّص هذه الشركات مزيدًا من الاستثمارات في مشروعات الهيدروجين النظيف، واحتجاز الكربون وتخزينه، وغيرها.
موضوعات متعلقة ..
اقرأ أيضًا ..
المصادر: