قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إن “الحديث عن 50 مليار درهم ككلفة سنوية للفساد يتطلب تدقيقا”، مشددا على أنه يسمع مرات كثيرة هذا الرقم ولكنه لا يعرف مصدره بالتحديد، أي “مواطن الخلل التي تدفع بهذه الكلفة إلى هذا الحد”، موجها دعوة صريحة لـ”تقديم المزيد من التوضيح، بما أنه حين نتحدث عن 50 مليار درهم فهي 4 نقط من الناتج الدخلي الإجمالي، وهذا ليس سهلا”.
لقجع أورد خلال تقديم رد الحكومة في جلسة عمومية بمجلس المستشارين خصصت لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، أنه “لا يمكن القول بأن ما أنفقناه في تنزيل الحوار الاجتماعي (45 مليار درهم) أقل من كلفة الفساد (50 مليار درهم)، لأن رقم الحكومة دقيق”، في ردّ على فرق عرضت على الحكومة ما توصل إليه تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
وبخصوص “الإصلاح” الذي دخلت فيه الحكومة بخصوص الضريبة على الدخل، قال الوزير إنه “كان يتطلب الشجاعة”، مسجلا أن “ما هو مؤكد أن الموظفين والأجراء يستحقون الأفضل، ولكن هناك تطورا مستمرا واستمرارا في الإصلاحات. كنا حريصين على فهم المطالب، وعقدنا لقاءات مع الفرق في البرلمان بغرفتيه، فتعمّق النقاش حول موضوع المتقاعدين”.
وأضاف أن “الحكومة صرحت بأنها تشتغل إلى جانب التمثيليات الاجتماعية، ولهذا قبلنا هذا التعديل المرتبط بالإعفاء الكلي الذي نعتبره تاريخيّا”، وزاد: “للمرة الأولى في بلادنا، قررت الحكومة إعفاء المتقاعدين بشكل كامل ونهائي من الضريبة على الدخل. وهذا إجراء مهم وأساسي يستحقه المتقاعدون الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن سواء في القطاع الخاص أو العام”.
“كان من الضروري أن نترجم التعهدات”، يورد المتحدث ذاته، مبرزا أن “الأثر المالي لهذا الإصلاح يساوي مليارا و200 مليون درهم. وعندما نعود للإصلاحات التي قمنا بها قبل عامين فيما يتعلق بالضريبة المهنية، سنجد أنها كلفتنا 2.5 مليار درهم، كما سيكلف إصلاح الضريبة على الدخل حوالي 9 مليارات درهم”، وأفاد: “عندما نقوم بقراءة جزئية وبمقارنات استنادا إلى الأرقام الواردة في التقارير التقديرية وغيرها، يمكن أن نخرج بقراءات مغايرة”.
وشدد لقجع على ضرورة الانتباه للكلفة المالية الإجمالية التي رصدتها الحكومة لمشاريع استراتيجية، منها تنزيل الحوار الاجتماعي، وإصلاح الضريبة على الدخل، ودعم السكن، وكذا البرامج التي أطلقت لإزالة مدن الصفيح وإعادة الإيواء في الرباط والدار البيضاء”، مبينا أنه حين يحتسب كل هذا، نجد أن المبلغ الإجمالي يفوق 100 مليار درهم”، وبالتالي فـ”الحكومة بهذا المعنى خصصت حوالي 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام لضخها في الدخول الخاصة بالفئات الاجتماعية الهشة والطبقات المتوسطة”.
وقال: “هذه هي الفلسفة وهذا هو البناء الذي خضع له مشروع قانون المالية”، وتابع: “بالطبع، هذا الإصلاح المتعلق بالضرائب والجبايات سيتواصل”، لافتا إلى “اشتغال مشترك إلى جانب مصالح وزارة الداخلية، وتم تجهيز مشروع سيتم تقديمه للبرلمان في قراءة أولية، ثم سيعرض للتشريع بهدف ترسيخ هذه الثقافة بعيدا عن النقاشات التي تم الحديث عنها حول أن الحكومة تشرع خارج إطار الحوار”.
ومضى الوزير المنتدب المكلف بالميزانية قائلا: “نحن نؤمن بأننا جميعا نلتقي في هدف مشترك هو خدمة صالح وطننا. وبناء عليه، لا أرى أي سبب يمنعنا من طرح أي مشروع للنقاش، دون الخوض في تفاصيل المشاريع التي أشار إليها وزير التشغيل، وأن يقضي الوقت الكافي لتوسيع المشاورات وتعزيزها”.
ورفض المسؤول عينه الأنباء الرائجة حول دمج صناديق التأمين، متسائلا: “عن أي دمج نتحدث؟ أليست هناك اتفاقات واضحة في القانون الإطار الذي قمنا بتقديمه وصوتنا عليه بالإجماع؟”، ووضّح: “لا يمكن لبلادنا أن تكون فيها مؤسسات عدة تدبر التغطية الصحية الإجبارية. هذا مستحيل، لأن هناك سلسلتين للعلاجات، وهناك أيضا اختلاف في المبالغ المتعلقة بالاسترداد”.
وشدد لقجع على أنه “ليس هناك دمج، بل جمع للتدبير في إطار تحسين هذه السلة بأفضل ما يمكن، وفي إطار تحسين هذه الخدمات إلى الحد الأقصى، لأن هدفنا هو تعميم التغطية الصحية الإجبارية، بحيث يستفيد منها المغاربة بأفضل ما يمكننا توفيره، والاستفادة من جميع الوسائل والآليات، ومن كافة التطورات التي شهدها هذا المجال”.