يبدو أن خطط النشطين في مجال الاحتيال والقرصنة الرقمية صارت متمددة إلى درجة محاولة استهداف مختلف الفئات الاجتماعية التي تستعمل الوسائل الرقمية، حتى وإن كان الهدف هو الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر؛ وهو ما كشفته نشرة صادرة، الاثنين، عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابع لإدارة الدفاع الوطني.
وجاء في النشرة ذاتها، التي حملت رقم (51270212/24)، أنه تم التعرف على موقع احتيالي يدعي أنه الموقع الرسمي للمساعدة الاجتماعية المباشرة، محذرة من أن هذا الموقع يخدع الضحايا قصد تقديم معلومات شخصية وحساسة؛ مثل رقم بطاقة التعريف الوطنية والمعلومات المصرفية وأرقام الهواتف، بما يعرض الضحايا لخطر المزيد من عمليات الاحتيال المصرفي، مقدمة مجموعة من الإرشادات في هذا الصدد.
وتنضاف هذه الخطوة إلى جانب خطوات أخرى تخص هجمات معلوماتية تعرضت لها مواقع مؤسسات مغربية رسمية خلال الفترات الماضية؛ وهو ما يثير عادة إشكالية تأهب كل المؤسسات من أجل حماية أنظمتها المعلوماتية، فضلا عن ضمان الولوج الآمن لكل الفئات إلى الخدمات الرقمية التي توفرها مؤسسات المملكة، سواء القطاع العمومي أو الخصوصي.
وتحدث مختصون في الأمن الرقمي عن هذا الأمر، إذ لفتوا إلى أن “الاحتيال الرقمي صار يستهدف جل المستخدمين للمنافذ الرقمية، بمن فيها الفئات الهشة التي تستفيد مثلا من الدعم الاجتماعي؛ وهو ما يجب أن يكون محط عمليات تواصلية من قبل الجهات المختصة، مع القيام بمجهودات لضمان استخدام هذه الفئات للبوابات الرقمية الرسمية”.
في حديثه عن الموضوع، قال أنس أبو الكلام، خبير رقمي أستاذ جامعي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش، إن “ما يقوم به مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية مهم جدا، على اعتبار أنه أساسا يشتغل في الظرفية الراهنة على ضمان الأمن الرقمي للبنيات الأساسية للمملكة. ومن المهم جدا كذلك تفعيل أقصى درجات التواصل مع الرأي العام”.
وأضاف أبو الكلام، في تصريح لهسبريس، أن “ما يُسجل في هذا الصدد هو أن “هذه النشرات التي تخص الثغرات الرقمية لا تزال، إلى حدود الساعة، تبقى في الأغلب في علم المتخصصين والمهتمين بمسألة الأمن السيبراني بالمملكة”.
وأوضح الخبير المتخصص في الأمن الرقمي أن “الأساسي هو جعل مستخدمي الأنترنيت لأي إشكالية ذات صبغة رقمية؛ فمسألة التواصل والتوعية الشاملة بهذه المسألة”، مذكرا أنه “يجب على كل الشركات والمؤسسات أن تفعل بدورها مبدأ التوعية الداخلية؛ في حين أن البعض منها لا يزال مع الأسف غير مدركين لهذه الإشكاليات المرتبطة بما هو سيبراني، في وقت يسير تدبير مسألة الأمن الرقمي بالمغرب بشكل مهم، خصوصا من ناحية التشريع، بما في ذلك القانون 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني والقانون 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية يشتغل أساسا على ضمان سلامة البنيات الرقمية للمؤسسات الحيوية للمملكة؛ وهو ما يستوجب المزيد من التواصل في هذا الصدد”، مع تأكيده على “ضرورة المرور نحو مرحلة أخرى تتعلق بالتوعية بخصوص الإشكاليات السيبرانية وشرحها لفائدة مختلف مستخدمي الأنترنت، بما لا يلقي بكل الثقل على المركز سالف الذكر”.
من جهته، قال مصطفى ملاوي، رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقيمة، إن “التحدي اليوم هو أن كل الفئات بالمجتمع تقريبا صارت حاضرة ضمن الفضاء الرقمي، بما فيها التي لا تتوفر على مستوى تعليمي ودراية تقنية بإشكاليات الأمن الرقمي، بما فيها التي تستفيد من البرامج الاجتماعية كالدعم المباشر”.
وأضاف ملاوي، في تصريح لهسبريس، أن “الهدف هو الوصول إلى ثقافة رقمية من طرف المغاربة في المنصات الرقمية؛ من خلال تعزيز ترسانة حماية الأنظمة المعلوماتية للمؤسسات المغربية الاستراتيجية، على أساس أن تكون لديها إمكانيات مادية ولوجيستية لهذه الغاية”، موردا أن “هناك مسؤولية في هذا الصدد لدى المواطنين كذلك، حيث يجب أن يكونوا على بينة من صحة أية منصة رقمية يستعملونها”.
وزاد رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقيمة: “هذا تحدّ يرتبط أساسا بمسألة دمقرطة اقتحام العالم الرقمي، حيث إنه مع ارتفاع منسوب المستخدمين للأنترنيت يظهر تحدّ آخر يتمثل في تأمين ولوجهم السليم إلى مختلف المواقع الرقمية التي يمكن من خلالها قضاء أغراضهم الإدارية على سبيل المثال؛ فمثل هذه الإشكاليات هي التي لا تسمح ببناء الثقة الرقمية”، مؤكدا في الأخير أنه “من الطبيعي جدا أن يكون الواقفون وراء عمليات الاحتيال والقرصنة كذلك مختارين لضحاياهم بإمعان”.