شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، مساء السبت، سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة هزّت جنوب المدينة وضواحيها، في تصعيد غير مسبوق للنزاع بين إسرائيل وحزب الله. تأتي هذه الغارات ضمن سلسلة من الهجمات الجوية التي استهدفت معاقل حزب الله في الضاحية الجنوبية ومنطقة الشويفات. وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بين إسرائيل وإيران، مما يثير مخاوف من اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
غارات عنيفة تهز الضاحية الجنوبية والشويفات
أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بأن الطائرات الإسرائيلية نفذت خمس غارات جوية، أربع منها وصفت بأنها "عنيفة للغاية"، استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي منطقة تعد من أهم معاقل حزب الله. كما استهدفت غارة خامسة منطقة الشويفات القريبة. شهود العيان أكدوا سماع دوي انفجارات هائلة اهتزت لها العاصمة اللبنانية، بينما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المناطق المستهدفة.
عقب الغارات، هرعت سيارات الإسعاف إلى المواقع المستهدفة لإجلاء المصابين، وسط تقارير أولية عن وقوع خسائر بشرية وأضرار مادية جسيمة. هذه الهجمات تأتي بعد ساعات من إصدار الجيش الإسرائيلي تحذيرات لسكان جنوب بيروت بضرورة إخلاء منازلهم، مما يعكس تحضيرًا لعمليات عسكرية أوسع نطاقًا.
استهداف مقر استخبارات حزب الله واستمرار الهجوم
أكدت إسرائيل في بيان لها أنها استهدفت مقر استخبارات حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، في ضربة جوية نُفذت في الساعات الأولى من صباح السبت. الهجوم يأتي كجزء من حملة إسرائيلية موسعة تستهدف البنية التحتية للحزب في لبنان. وتعتبر الضاحية الجنوبية معقلًا رئيسيًا لحزب الله، حيث يتركز عدد كبير من مقراته الأمنية والعسكرية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت حساس للغاية، حيث يستعد الطرفان لمزيد من التصعيد العسكري، وسط تهديدات إسرائيلية بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل جبهات متعددة، بما في ذلك سوريا ولبنان، وحتى استهداف المصالح الإيرانية المباشرة.
ماكرون يقود دعوات لوقف إطلاق النار
في ظل التصعيد العسكري الخطير، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع قمة ضم 88 دولة ناطقة بالفرنسية، إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان. هذه الدعوة تأتي كجزء من جهود دولية تهدف إلى منع تفاقم الأزمة الإنسانية في لبنان، حيث يعاني السكان من تداعيات الحرب المستمرة ونقص الخدمات الأساسية.
الدعوات الدولية للتهدئة تقابلها تحركات عسكرية متزايدة على الأرض، مما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية نجاح المجتمع الدولي في فرض هدنة قبل أن يتفاقم الصراع إلى حرب إقليمية شاملة.
إسرائيل تستعد لرد انتقامي على إيران
في سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بصدد توسيع عملياته العسكرية بشكل كبير على خلفية الهجوم الصاروخي الإيراني واسع النطاق الذي استهدف قواعد إسرائيلية الأسبوع الماضي. تشير التقارير إلى أن إسرائيل تخطط لرد "انتقامي كبير وخطير" ضد إيران وحلفائها في المنطقة، في ذكرى هجمات السابع من أكتوبر.
وفي هذا السياق، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل من شن هجمات على المنشآت النفطية الإيرانية، مشيرًا إلى أن مثل هذه الضربات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات العالمية وإشعال أزمة نفطية دولية. ومع ذلك، لا تزال واشنطن تناقش احتمالية القيام بإجراءات عسكرية محدودة ضد إيران، مما يضيف بعدًا دوليًا أكثر تعقيدًا إلى الصراع القائم.
الأوضاع الإقليمية: نحو تصعيد أكبر؟
التصعيد الأخير بين إسرائيل وحزب الله يرفع من احتمالية نشوب صراع إقليمي واسع قد يمتد إلى دول الجوار. ومع استعداد الطرفين لمزيد من العمليات العسكرية، يبقى الوضع في لبنان متفجرًا، حيث يخشى المراقبون أن يؤدي استمرار الغارات والهجمات الانتقامية إلى انهيار الوضع الأمني بشكل أكبر في البلاد.
ومع استمرار التحركات العسكرية الإسرائيلية وتزايد التهديدات بالرد على إيران، يبدو أن الشرق الأوسط يتجه نحو مرحلة جديدة من التصعيد، ما يهدد بمزيد من العنف والدمار في المنطقة.