بتوقيع “بروتوكول التعاون المشترك” في مجالات “الرقمنة والتكوين وتبادل الخبرات في مجال صون الذاكرة الوثائقية والتاريخية” بين المكتبة الوطنية للمملكة المغربية والمكتبة الوطنية الفلسطينية، مساء الأربعاء بالعاصمة الرباط، تتقوّى خيوط تبادل متين وتاريخ تليد من التعاون والتضامن وسَمت على الدوام علاقات المغرب وفلسطين؛ لكنها هذه المرة تأتي لتُعزز الشق الثقافي-التوثيقي بحمولة تاريخية قوية.
البروتوكول وقّعه كل من سميرة الماليزي، مديرة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالنيابة، ونظيرها عيسى قراقع، رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، الذي حضرَ مرفوقاً بوفد فلسطيني قادم من مدينة رام الله؛ مع مشاركة جمال الشوبكي، سفير فلسطين بالمغرب.
كما حضرَ الحفل ذاته محمد سالم الشرقاوي، مدير وكالة بيت مال القدس الشريف، وثلة من السفراء المعتمدين بالرباط؛ أبرزهم السفير اللبناني وعقيلتُه، حسب معاينة جريدة هسبريس الإلكترونية.
وفضلا عن مشاهدة جماعية لـ”شريط فيديو” قصير يلخّص محطات بارزة من تاريخ العلاقات المغربية الفلسطينية واستحضار مواقف للملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس، تدعم القضية الفلسطينية في المحافل العربية، زار المشاركون في حفل التوقيع “معرض مجموعات المكتبة الوطنية للمملكة المغربية حول العلاقات المغربية الفلسطينية” المُقام عند المدخل الرئيسي للمكتبة الوطنية بالرباط.
في كلمتها، رحّبت مديرة المكتبة الوطنية للمملكة بالنيابة بالوفد الفلسطيني وأعضائه، مبرزة أن بروتوكول التعاون يأتي ليعزز علاقات تاريخية ومواقف التضامن التي يعبّر عنها المغرب، خصوصا من الملك محمد السادس ورسالته الأخيرة إلى المنتظم الأممي في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
“الاتفاقية الموقّعة تأتي لتعزز هذه العلاقات التاريخية بين الرباط والقدس”، أكدت سميرة الماليزي، في حديثها أمام الحاضرين، معلنة أنها تنص على “تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأطر العاملة في المكتبة الوطنية الفلسطينية في مجالات الرقمنة وترميم الوثائق، بالإضافة إلى “الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال الأرشيف الرقمي”.
ويهمّ البروتوكول، حسب المسؤولة المغربية التي تشغل منصب الكاتبة العامة لقطاع الثقافة، وضع “برامج لتبادل الأنشطة الثقافية بين البلدين”، والعمل على “تزويد المكتبة الفلسطينية بمجموعة من الإصدارات المغربية تهم العلاقات المغربية الفلسطينية في مجالات مختلفة”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس، على هامش الحدث، أكدت الماليزي “أهمية الاتفاقية في تجسيد التزام المملكة المغربية بالمساهمة في حفظ الموروث الوثائقي الفلسطيني وحمايته”.
بموجب الاتفاقية، ستتمكن “المكتبة الوطنية المغربية، من خلال الخبرات التي اكتسبتها في مجالي الرقمنة وحفظ الأرشيف والتوثيق، من مواكبة نظيرتها الفلسطينية للاستفادة من هذه التجارب في الحفاظ على الذاكرة الثقافية وصون الوثائق والمخطوطات الوطنية في فلسطين”.
وأشارت الماليزي إلى أن “المكتبة الوطنية بالرباط تسعى إلى تمكين المكتبة الفلسطينية من الاستفادة من الخبرات التي راكمتها في مجال رقمنة الوثائق والمخطوطات”؛ بينما ستضع المكتبة المغربية، بهذه المناسبة، “مجموعة من الإصدارات التي تتناول العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين البلدين”.
بدوره، ثمّن عيسى قراقع، رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، توقيع بروتوكول التعاون المشترك الذي يقوّي الأواصر الجامعة بين الدولتيْن والشعبيْن، مُقدّرًا مواصلة المملكة المغربية، ملكاً وحكومة وشعباً، لدعمها المستمر طيلة فترة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي قال إنه لا يشمل فقط الإنسان؛ بل أيضا المآثر التاريخية ومواقع المخطوطات والآثار والتراث الفلسطيني الذي يتجاوز عُمر الكيان المحتل”.
ولم يُخف قراقع اعتزازه الكبير بدعم غير منقطع تتلقّاه فلسطين من الرباط “من أجل الحفاظ على الذاكرة الثقافية الفلسطينية، على “اعتبار أن المكتبة تشكل ذاكرة للوطن، ومرجعية أساسية للمهتمين والباحثين والراغبين في الاطلاع على النتاج الثقافي الوطني وتاريخ البلاد”، معتبرا أنها عاكسة لرغبة مغربية صادقة في مواصلة مساندته للشعب الفلسطيني في حفظ ذاكرته وهويته التاريخية وصونها من الضياع”.
وأشار المسؤول الفلسطيني، مصرحا لوسائل إعلام مغربية، إلى أن “التوقيع على هذه الاتفاقية سيمكّن المكتبة الفلسطينية، حديثة النشأة، من الحفاظ على تاريخها وموروثها الوثائقي من خلال الاستفادة من الخبرات الكبيرة للمكتبة الوطنية المغربية في مجال الرقمنة وحفظ الأرشيف، بما يساهم في ضمان استدامة هذا الإرث الثقافي والتاريخي للأجيال المقبلة”، مثمناً جهود “توفير الدعم الفني والتقني الضروريين لدعم صمود التراث الفلسطيني وصيانته من الضياع”.