أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، المعروفة اختصارا بـ”يونيسيف”، أن “النظام الصحي المغربي شهد تقدما كبيرا بعدما تم تحسين مؤشرات أساسية؛ بما فيها متوسط العمر المتوقع عند الولادة ومعدل وفيات الرضع والأمهات، بما ينضاف إلى التحسينات التي عرفتها جودة الخدمات في إطار التغطية الصحية الشاملة”.
وأوضحت “يونيسيف”، ضمن تقرير لها أعدته بتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية و”منظمة هيرا للحق في الصحة والتنمية”، أن “الصحة المجتمعية بالمغرب تتمتع بتاريخ طويل من المبادرات المجتمعية، حيث تم في سنة 2019 تم إطلاق استراتيجية التدخل في مجال الصحة المجتمعية خلال المنتدى الوطني الأول للرعاية الصحية الأولية، والتي بدأ تنفيذها بموجب اتفاقية ثلاثية بين وزارة الصحة والقطاع الخاص والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومنظف يونيسيف”.
وحسب المصدر ذاته، فإن “ذلك سهّل تنفيذ وتقييم نموذج مغربي للصحة المجتمعية أو جهاز خاص بالصحة المجتمعية؛ غير أنه من الملاحظ هو غياب إطار مؤسساتي منظم ويحكم التدخلات الصحية المجتمعية، على اعتبار أن الإطار التنظيمي الحالي هو الذي ينطبق على العمل الجمعوي”.
وأشادت “يونيسيف”، ضمن تقريرها، بـ”الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني بالمغرب في إطار مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية؛ فهذه المنظمات تركز على تعزيز الصحة والوقاية بين السكان، فضلا عن حملات للتوعية وتوفير الاستشارات وتسهيل الوصول إلى العلاجات.. وبالتالي الحد من الوصم تجاه المستفيدين أو المصابين بهذا الفيروس”.
وجاء في الوثيقة التي طالعتها الجريدة أنه “على الرغم من إشراك هذه المنظمات في الاستراتيجية الخاصة بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، والذي يضمن تحديد احتياجات السكان المستهدفين؛ فإن الأمر لا يزال يصطدم بمجموعة من التحديات”.
هذه التحديات، وفق المصدر نفسه، تتمثل في “ضرورة الاعتراف بالعاملين الصحيين المجتمعيين؛ بالنظر إلى أن ذلك يضمن اندماجهم في النظام الصحي على المدى الطويل، فضلا عن مسألة التمويلات، إذ يتم إلى حدود الساعة الاعتماد على الموارد المالية الآتية من المانحين من الخارج”.
وسجلت “يونيسيف” ضرورة “المشاركة الفعالة للجميع، بما فيهم القطاع الخاص والسياسيون المحليون، بغرض إنشاء خدمة صحية مجتمعية ومتكاملة تشمل جميع الجهات الفاعلة في المجال الصحي”، مبينة أنه “على سبيل المثال يتم ذكر العاملين الصحيين المجتمعيين في الوثائق الاستراتيجية؛ في حين أن أدوارهم ومؤهلاتهم غير محددة بوضوح”.
وفق المنظمة الأممية ذاتها، فإن “هؤلاء لا يشكلون جزءا من القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية، ولا يتم تنظيم وضعهم بموجب التشريعات الحالية؛ في حين أن تعيينهم يتم من قبل منظمات المجتمع المدني، مع اختلاف الأجر من منظمة إلى أخرى، سواء كانت مبالغ مقطوعة أو عن طريق رواتب شهرية”.
ولفت المصدر نفسه إلى أنه “لا يوجد بند مخصص للصحة المجتمعية في ميزانية الصحة؛ لكن يتم تقديم المنح للجمعيات في مجال الصحة المجتمعية بناء على مجموعة من المتطلبات”، موضحا أن “منظمات المجتمع المدني العاملة في قضايا الأمراض المنقولة جنسيا تقدم مجموعة من الخدمات، بما فيها توعية السكان وتثقيفهم”.
كما ثمّن تدخلات العاملين الصحيين المجتمعيين فيما “يتعلق بزلزال ثامن شتنبر 2023 أو في إطار الحملات التي تخص المشردين والمهاجرين”، موضحا أنه “تم منذ سنة 2016 تدريب الممرضات على صحة الأسرة والمجتمع في المعاهد العليا لمهن التمريض وتقنيات الصحة، حيث يتم برسم موسم 2025/2024 تدريب حوالي 1989 متدربا”.
وأكد تقرير منظمة “يونيسيف” الخاص بسنة 2024 على “أهمية اغتنام الفرص الإصلاح الجاري بقطاع الصحة من أجل إنشاء تجمعات صحية لدمج الصحة المجتمعية في الهيكلة الجديدة، فضلا عن الاعتراف بالمهن الموجهة نحو المجتمع من خلال لوائح محددة وتطوير التداريب في هذا الصدد، مع تطوير قاعدة بيانات مركزية للعاملين الصحيين المجتمعيين”.