نوّه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بالجهود المبذولة التي أسهمت في تعزيز مكانة المملكة المغربية على الصعيديْن القاري والإقليمي، مستدلاً بـ”تصدُّر المغرب دول إفريقيا في مجال تطور البنية التحتية”، محققا المركز الأول بـ85.8 في المائة وفقاً لـ”مؤشر الحكامة الإفريقية لسنة 2024″ الصادر نهاية أكتوبر الماضي، فضلا عن استحضاره بفخر أن “ميناء طنجة المتوسط بات يتصدر قائمة الموانئ في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا كأكبر ميناء للحاويات؛ بالإضافة إلى مجموعة من الإنجازات البارزة في مجالات البنيات التحتية الكبرى والمتنوعة، التي تحدد معالم مغرب اليوم وتساهم في تشكيل مستقبله”، وفق تعبيره.
“البنيات التحتية هي الحجَر الأساس في المسار التنموي الذي يقُوده الملك محمد السادس منذ توليه العرش”، يورد أخنوش مجيباً عن أسئلة الفرق والمجموعات النيابية، اليوم الإثنين خلال جلسة الأسئلة الشهرية حول السياسة العامة بمجلس النواب، قبل أن يؤكد هذا التوجه العاكسَ لـ”مشروع مجتمعي طموح، يعتمد على رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق توازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على ضمان العدالة المجالية، ناهيك عن كونها رافعة لكل الإستراتيجيات القطاعية والتنموية الطموحة التي وضعها المغرب”.
وأفاد رئيس الحكومة بأن الرؤية الملكية بشأن “مغرب المستقبل” تتجسد في تأسيس “مغرب جديد”، قائم على “توحيد الجهود بين الإنجازات الوطنية والطموحات الجماعية”، بما يعزز التنمية الشاملة للبلاد. وأضاف في الجلسة التي تم تخصيصها لموضوع: “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، أن التصور الملكي المتبصر يركز على الاستفادة الكاملة من المؤهلات والموارد التي تتمتع بها المملكة، من أجل تحقيق نهضة حضارية وتنموية شاملة، وتعزيز أسس نموذج وطني متميز، يعتمد على رؤية إستراتيجية طموحة للمستقبل.
منجزات تحديث البنيات التحتية
لم يخلُ المرور الشهري البرلماني لرئيس الحكومة في الجلسة حول موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، من عدد من الأرقام، التي قال إنها تشكل “منجزات بلادنا على مستوى إنجاز وتحديث البنيات التحتية خلال 25 سنة”.
واستحضر أخنوش في هذا الصدد “ما حققته المملكة خلال 25 سنة على مستوى إنجاز البنيات التحتية وتحديثها”، مشددا على “انتقال المغرب من 80 كيلومترا من الطرق السيارة سنة 1999 إلى 1800 كيلومتر حاليا؛ كما صارت المملكة تحتل المركز 16 عالميا على مستوى كثافة وجودة الطرق بما يناهز 58 ألف كيلومتر، منها 2164 كيلومترا من الطرق السريعة، بمعدل طرق مُعبّدة يبلغ حوالي 80 في المائة”.
أما السكك الحديدية فكشف قائد السلطة الحكومية أنها “بلغت 2309 كيلومترات، منها 200 كيلومتر من الخطوط السريعة و64 في المائة من الخطوط المُكهربة”، موردا الانتقال من 15 مطارا سنة 1999 إلى 25 مطارا حاليا؛ منها 19 مطارا دوليا، موزعة على مختلف جهات المملكة”.
وحسب معطيات مرقمة بسطها رئيس الحكومة فالمملكة عززت بنياتها المينائية من 24 ميناء سنة 1999 إلى 43 ميناء حاليًا، منها 14 ميناء تجاريا متعدد الاختصاصات، و22 ميناء للصيد البحري، و7 موانئ خاصة بالترفيه؛ لافتا إلى “ارتفاع عدد السدود من 95 سدا سنة 1999 إلى 154 سدا كبيرا حاليا بسعة تفوق 20 مليار متر مكعب”.
وقال أخنوش إن “هذه التوجهات التنموية الإستراتيجية في مجال البنيات الأساسية والتحتية أعطتنا سبقاً إقليميًا في جغرافيا متغيرة للنمو العالمي”، وفق تعبيره، وزاد: “هذا ما مكنَنا من نيْل شرف تنظيم كأس إفريقيا 2025 و’مونديال 2030’، وجعل بلادنا وجهة جذابة للتظاهرات الكبرى في مجالات الرياضة والأعمال وغيرها…”.
وفي هذا السياق جدّد المسؤول الحكومي الالتزامَ بالعمل على تدابير لازمة لنكون في مستوى “دفتر تحملات الفيفا”، و”جعل كأس العالم 2030 مُحفزا حقيقياً لتعزيز النمو وجذب المستثمرين المحليين والأجانب”، وأردف: “…شرعْنا بالفعل في إعادة هيكلة البنيات التحتية التي تستضيفها ست مدن مغربية، كما تم تحديد 45 ملعباً وموقعا للتدريبات؛ فيما يقع ملعب الحسن الثاني الكبير في بنسليمان في قلب خطة جديدة للتنمية الحضرية وتثمين وتقوية البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية السياحية والحضرية المرتبطة به”.
استكمال الأهداف التنموية
وفي كلمته المطوّلة أمام النواب اعتبر أخنوش أن “الرهان الحالي وفق الرؤية الملكية هو استكمال الأهداف الكبرى للإستراتيجية التنموية في أفق 2030″، متحدثا في هذا الباب عن “ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية”، وعن أن “النهضة الاقتصادية قادرة على خلق القيمة المضافة العالية، وإتاحة المجال للمبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمارات”، ومشددا على أن “الحكومة تراهن على استكمال الأهداف الكبرى لهذه الإستراتيجية التنموية في أفق 2030، باعتبارها فرصة تاريخية للتسريع بتحقيق هذا التحول النوعي في نموذجنا الاقتصادي”.
ولهذه الغاية، وفق أخنوش، عملت حكومته على “تحفيز الاستثمار الخاص بإخراج ميثاق الاستثمار المُشكل دفعة ملموسة على مستوى جاذبية الاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية، عبر مختلف التحفيزات التي يقدمها”، مشيرا إلى أن ذلك “يتم -بالموازاة- مع إصلاحات تحسين مناخ الأعمال التي اتخذتها الحكومة”.
“رغم تحدي استعادة التوازنات المالية التي تفاقمت نتيجة أزمة كوفيد فإن الحكومة كانت مصرة على رفع مجهود الاستثمار العمومي بشكل غير مسبوق، إذ انتقل من 230 مليار درهم سنة 2021 إلى 335 مليار درهم سنة 2024، ليبلغ 340 مليار درهم برسم قانون المالية 2025″، يورد المتحدث، مشددا على “حرص مختلف الوزارات على مواكبة مختلف الإستراتيجيات القطاعية، ممثلة بإستراتيجية الجيل الأخضر: حيث تم الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع الفلاحي من 15,3 مليار درهم سنة 2021 إلى 19,5 مليار درهم سنة 2024 (و20,2 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025)”.
ولم يخل حديث أخنوش من إشارة إلى الإستراتيجية السياحية، التي عرفت الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع السياحي من 1,3 مليار درهم سنة 2021 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2024 (و2,6 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025)؛ وكذا المغرب الرقمي، إذ ارتفعت الميزانية المخصصة للقطاع الرقمي من 91 مليون درهم سنة 2021 إلى أزيد من 2 مليار درهم سنة 2024.
بنيات السكن اللائق
حظيَ موضوع “القضاء النهائي على دور الصفيح” بحيّز في حديث رئيس الحكومة، قائلا إن “الحكومة تسرّع وتيرة” العمل لتحقيق الغاية، ومفيدا بأنه “سيتم إعادة إسكان 120 ألف أسرة مستهدَفة في أفق 2028 بتنزيل برنامج خماسي للفترة 2024-2028”.
هذا البرنامج يقوم على “أساس الدعم المباشر كآلية مالية محفزة لإعادة الإسكان في وحدات سكنية بتكلفة 250.000 درهم أو 300.000 درهم، عبر تعبئة وحدات عقارية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
“مُدن المونديال” والتراث
وفي السياق أكد رئيس الحكومة أنه سيتم إطلاق برنامج خاص لإعادة تهيئة 6 مدن مُستقبِلة للاستحقاقات الرياضية المقبلة (الرباط، طنجة، فاس، مراكش، أكادير والدار البيضاء)، تهم، على الخصوص، “التهيئة الحضرية، والبنيات التحتية الطرقية، والنقل الحضري، والتجهيزات العمومية، والبنيات التحتية السياحية، والتجهيزات الرياضية والصحية والثقافية والاجتماعية والأمنية”، وقال إن “الحكومة وعيا منها بالدور الهام الذي يقوم به القطاع الثقافي، باعتباره ركيزة لتعزيز الهوية الوطنية، عملت على تنفيذ برنامج طموح يعطي الأولوية لحماية وتعزيز التراث الثقافي والبنيات التحتية الثقافية، إذ يتم إنجاز المشاريع الكبرى موضوع اتفاقيات الشراكة المتعلقة ببرنامج التنمية الحضرية لأكادير، وإعادة تأهيل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وإنجاز القطب الثقافي لمدينة فاس، وبرنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لطنجة”.
كما أطلقت الحكومة، حسب إفادات رئيسها، “عملية بناء مركز حماية وتثمين موقع سجلماسة ومركز التعريف بالتراث الأركيولوجي لجبل إيغود باليوسفية، وتواصل إنجاز مشاريع ترميم وصيانة الحمامات الرومانية بالموقع الأثري شالة، وترميم قصبة تمارة؛ وكذا تباشر مشاريع الترميم والتأهيل والتثمين الخاصة لمعالم التاريخية المتضررة من زلزال الحوز، وغيرها من مشاريع البنيات التحتية الثقافية والإنسانية”.