في ظل الهدوء الذي تتميز به مناطق بومالن دادس، إميضر، توديلت، وضواحيها، يبرز مشهد جديد يعكر صفو الحياة اليومية للسكان بهذه المناطق، يتجلى في الانتشار المقلق للكلاب الضالة، حيث في كل زاوية تقريبا وفي كل درب تتجول قطعان من الكلاب، بل حتى في الضيعات الفلاحية التي تعتبر المورد الأساسي للعديد من الأسر.
الظاهرة التي بدأت في التفاقم خلال الأشهر الأخيرة باتت تشكل تهديدًا حقيقيا. وفي هذا السياق، قالت خديجة، ربة بتاوديلت: “أصبحنا نخاف الخروج مع أولادنا، حتى في وضح النهار”، معبرة عن قلقها من الانتشار المتزايد للكلاب الضالة، مضيفة أن “هذه الكلاب لا تخاف الناس، وتقترب من المنازل، وقد تهاجم في أي لحظة”.
شهادة هذه المتحدثة ليست استثناء، فقد عبر العديد من السكان عن مخاوفهم من هذه الظاهرة التي باتت تثير الرعب في نفوسهم، خاصة في ظل غياب التدخلات الحازمة من السلطات المحلية، والمجالس المنتخبة، لا سيما مع فتح باب الاستثمار في هذه المناطق.
من جهة أخرى، يعاني أصحاب الضيعات الفلاحية بشكل خاص من هذا الانتشار، وقال محمد بن العربي، فلاح من منطقة توديلت وهو يروي بغضب قصته مع الكلاب الضالة، “هذه الكلاب تتجول بحرية داخل ضيعاتنا، تهاجم المواشي وتخيف العمال، وأصبحنا مضطرين للابتعاد عن بعض الأراضي خوفا من هجمات محتملة”.
أحد الأسباب الرئيسية التي يربطها السكان المتضررين بانتشار الكلاب الضالة، هو المطرح العشوائي للنفايات في بومالن دادس، الذي أصبح ملاذا لهذه الحيوانات، مشيرين إلى أن “هذا المطرح يمثل مشكلة في حد ذاته، لكن الآن تحول إلى مصدر لجذب الكلاب الضالة التي تجد فيه الطعام بسهولة”.
أمام هذا الوضع المتفاقم، وجه عدد من سكان بومالن دادس وضواحي إميضر وتوديلت، في لقاء مع جريدة هسبريس الإلكترونية، نداء عاجلا إلى عامل إقليم تنغير للتدخل السريع وإيجاد حل لهذه الظاهرة، قائلين: “نطالب بتدخل فوري وشامل، لأنه لا يمكن أن نعيش في ظل هذا التهديد اليومي”.
“رغم الشكاوى المتكررة من الساكنة، إلا أن التجاهل المستمر من قبل الجهات المسؤولة، خاصة المنتخبة، يزيد من تعقيد المشكلة”، يقول عبد الرحمان كرم، أحد المتضررين، مضيفا:
“نحن نتساءل لماذا لم يتم إلى حد الآن اتخاذ أي إجراءات ملموسة؟ هل يجب أن ننتظر حتى يحدث أمر خطير قبل أن تتحرك السلطات والمجالس المنتخبة؟”.
وطالب المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، جماعات بومالن دادس وإميضر وآيت يول والخميس دادس بالتحرك العاجل من أجل تطهير هذه المناطق من الحيوانات الضالة، موردا أن الجماعات الترابية تتحمل مسؤوليتها باعتبارها الجهة الرسمية التي تحمل على عاتقها مشكل الكلاب الضالة، مبرزا أن من حق كل من تعرض للهجوم من هذه الكلاب، سواء تسبب له ذلك في الخوف أو الأذى الجسدي، أن يتقدم بشكاية إلى المحكمة المختصة لمقاضاة الجماعة المعنية ومطالبتها بالتعويضات.
ووفقا للقانون المغربي، تتحمل الجماعات الترابية مسؤولية الحفاظ على النظام العام داخل نطاقها الترابي، بما في ذلك إدارة ظاهرة الكلاب الضالة، ويستند هذا الدور إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الذي يحدد اختصاصات الجماعات الترابية في مجال الصحة العامة والبيئة.
ووفقا لهذا القانون، تعتبر الجماعات مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة الساكنة وحماية الصحة العامة، بما يشمل معالجة قضايا مثل انتشار الكلاب الضالة.
وتنص المادة 100 من هذا القانون على أن رئيس الجماعة هو المسؤول عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية النظام العام، بما في ذلك الصحة والنظافة، ويحق له إصدار قرارات تتعلق بتطهير الشوارع من الكلاب الضالة، كما يمكنه التنسيق مع السلطات البيطرية لتنظيم حملات تعقيم أو تلقيح الكلاب الضالة، أو اتخاذ ترتيبات لإيوائها في مراكز مخصصة. هذه الإجراءات تهدف إلى الحد من المخاطر التي قد تشكلها هذه الحيوانات على الساكنة، سواء من حيث السلامة الجسدية أو الصحة العامة.