“الزخم الذي باتت تعرفه قضية الصحراء المغربية هو نتيجة للدبلوماسية الملكية التي يشرف على تنفيذها الملك محمد السادس شخصياً”، هذه الكلمات التي قالها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من “عاصمة الصحراء المغربية”، ليست خالية من دلالات التوقيت والمكان، بل هي “ترجمة أمينة” للتوجيهات والتعليمات الملكية من رجُل تدرّج في أسلاك الدبلوماسية.
هذا الزخم المتواصل للآلة الدبلوماسية المغربية في ملف نزاع الصحراء تُرسّخه العديد من المؤشرات والمعطيات التي شهدها الملف سنة 2024 المشارفة على الانتهاء بإنجازات دبلوماسية “كبيرة”، حسب توصيف بوريطة نفسه.
ومن مقر ولاية جهة العيون الساقية الحمراء أعلن بوريطة (قبل أيام)، إثر لقائه مع نظيره الزامبي، أن “سنة 2024 كانت محطة مهمة في مسار قضية الصحراء المغربية، إذ شهدت تطورات دبلوماسية وسياسية تضاف إلى النجاحات المتواصلة التي حققتها المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
وتعرّف عموم المغاربة عن قُرب على ناصر بوريطة مع صعوده وزيراً للخارجية والتعاون الدولي بعد تعيينه من طرف الملك محمد السادس في الخامس أبريل 2017، ما شكّل دفعة قوية توَّجْتها موجة اعترافات ودعم وإشادة بمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
يَصفه البعض بـ”رجل الملفات والمهام الصعبة”، بينما اختار البعض الآخر تلقيبه بـ”صاحب دبلوماسية المِقص” و”قاهر الانفصاليين”؛ بيْدَ أن المتفق حوله والمُجْمَع بشأنه أن الرجل كان وفياً لاسمه، ناصِراً ومُنتصراً لوطنه وقضية وحدته الترابية… فضلا عن مواقفه في قضايا وملفات دبلوماسية أخرى، كجمع شتات الليبيين في مسار “اتفاق الصخيرات”، ثم قبل أيام ضمن توافق جديد لمَّ شمل فرقاء ليبيا ببوزنيقة.
هدوء طبْع وزير خارجية المملكة، الذي رأى النور في تاونات، وحكمة حديثه وحِنكة مواقفه في خرجاته الإعلامية ولقاءاته الثنائية مع نظرائه؛ كلها صفاتٌ انعكست في الأداء الدبلوماسي للرباط، خلال السنوات الأخيرة.
باصماً على مسار مهني دبلوماسيّ حافل تدرّج خلاله في مختلف السلالم الدبلوماسية، وبعد سنوات من العمل بالإدارة المركزية بالرباط ومروره بسفارتي المغرب في كل من فيينا وبروكسل، كان بوريطة دائماً مدافعاً شرساً عن المصالح العليا للمملكة المغربية؛ فيما سيُسجل له قلم التاريخ أنه أخفتَ صوت الانفصاليين في محافل الاتحاد الإفريقي والمحافل الدولية، ليس بابتسامته المعهودة فقط، بل بعملٍ دبلوماسي في الكواليس أسفر عن افتتاح قرابة 30 قنصلية وتمثيلية دبلوماسية في كل من العيون والداخلة بتعليمات ملكية.