أخبار عاجلة

اللواء هشام حسن صبري يكتب: مفهوم العدالة الانتقالية

اللواء هشام حسن صبري يكتب: مفهوم العدالة الانتقالية
اللواء هشام حسن صبري يكتب: مفهوم العدالة الانتقالية

الجمعة 20 ديسمبر 2024 | 06:52 مساءً

اللواء هشام حسن صبري

اللواء هشام حسن صبري

كتب : بلدنا اليوم

حظى مصطلح العدالة الانتقالية حديثا على الكثير من الاهتمام من الأكاديميين وصناع القرار السياسى، كما حظى بالاهتمام فى المجالات السياسية والقانونية، وخصوصا فى المجتمعات التى تمر بالفترات الانتقالية السياسية، سواء من نظام تسلطى أو من الخلافات المدنية إلى الديمقراطية، ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية، وقد مر عالمنا العربى – وما زال- بحالة شديدة من الحراك السياسى والمجتمعى التى تفاوتت ما بين تغييرو تداول سلمى للسلطة، إلى ثورات وحركات مسلحة ازاحت بعض الأنظمة الحاكمة، وما جرى ويجرى فى سوريا حاليا ليس ببعيد،و هو الأمر الذى القى الضوء على مفهوم العدالة الانتقالية الذى يشير إلى (مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التى قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال حقبة سياسية معينة).

وتتضمن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان تقصى الحقائق، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوعة من إصلاح المؤسسات. والتى تساعد فى النهاية على التأسيس لمرحلة سياسية جديدة يسود فيها القانون والاستقرار السياسى.

ووفقا لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم 616 الصادر فى 23 اغسطس 2004

ﻳﺸﻤﻞ ﻣﻔﻬﻮﻡ “ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ” ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﺎﻭﻟـﻪ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳـﺮ ﻛﺎﻣـﻞ ﻧﻄـﺎﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴـﺎﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴــﺎﺕ ﺍلمرتبطة ﺑﺎلمحــﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟـتـى ﻳﺒــﺬلها المجتمع ﻟــﺘﻔﻬﻢ ﺗﺮﻛــﺔ ﻣــﻦ تجــﺎﻭﺯﺍﺕ ﺍلماﺿــﻲ ﺍﻟﻮﺍﺳــﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺑﻐﻴﺔ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺍلمساءلة ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭتحقيق المصالحة.

ﻭﻗﺪ ﺗﺸـﻤﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀـﺎﺋﻴﺔ وغير ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ، ﻣﻊ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ المشاركة اﻟﺪﻭﻟﻴﺔ (ﺃﻭ ﻋـﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩﻫـﺎ ﻣﻄﻠﻘـﺎ) ﻭمحاﻛﻤــﺎﺕ ﺍﻷﻓــﺮﺍﺩ، ﻭﺍﻟﺘﻌــﻮﻳﺾ ﻭﺗﻘﺼــﻲ ﺍلحقائق، ﻭﺍﻹﺻــﻼﺡ ﺍﻟﺪﺳــﺘﻮﺭﻱ، ﻭﻓﺤــﺺ ﺍﻟﺴــﺠﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ للأفراد ﻟﻠﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ.

تطور فكرة العدالة الانتقالية وبعض نماذج تطبيقها:

رغم حداثة مفهوم وتطبيق العدالة الانتقالية، إلا أن البعض يرجع بدايات تطبيقاتها الأولى إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية فى "محاكمات نورمبرج" فى ألمانيا وهى من أشهر المحاكمات التى شهدها التاريخ المعاصر، والتى قامت بمحاكمة مجرمى الحرب من القيادة النازية.

ثم كانت البداية الحقيقية لما يمكن أن يسمى تطبيق للعدالة الانتقالية، فى محاكمات حقوق الإنسان فى اليونان فى أواسط السبعينيات من القرن الماضى، وبعدها فى المتابعات للحكم العسكرى فى الأرجنتين وتشيلى من خلال لجنتى تقصى الحقائق فى الأرجنتين 1983 وتشيلى 1990 ومن بعد ذلك فى العديد من دول القارة اللاتينية.

مساهمات أوروبا الشرقية فى التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان من خلال فتح ملفات الأمن الداخلى كما حدث فى ألمانيا بعد سقوط حائط برلين، وكذلك أيضا عمليات التطهير التى حدثت فى تشيكوسلوفاكيا فى 1989.

ثم جاءت تجربة دولة جنوب أفريقيا من خلال لجنة "الحقيقة والمصالحة" الشهيرة فى 1995 التى تشكلت للتعامل مع قضايا الانتهاكات الجسيمة التى تعرض لها السكان السود فى جنوب إفريقيا فى فترة التمييز العنصرى الطويل.

التجربة الخاصة جدا التى شهدتها المغرب حين قام الملك الحسن الثانى بإجراءات التحول وتسليم الحكم إلى المعارضة فى عام 1995، والتى أفضت إلى إنشاء هيئة "الإنصاف والمصالحة" لتقصى الحقائق واختتمت أعمالها فى دفع تعويضات للضحايا والعمل على إصلاح وتأهيل عدد غير قليل من المؤسسات فى عام 2005.

وبهذا العمل تكون المغرب صاحبة تجربة فريدة فى التعامل مع "العدالة الانتقالية"، والتى تمت من داخل النظام نفسه ولم يتم تنفيذها عقب انتهاء حرب أهلية أو ثورة.

عناصر العدالة الانتقالية

الملاحقات القضائية، لاسيما تلك التى تطال المرتكبين الذين يعتبرون أكثر من يتحمل المسئولية.

جبر الضرر الذى تعترف الحكومات عبره بالأضرار المتكبدة وتتخذ خطوات لمعالجتها. وغالبا ما تتضمن هذه المبادرات عناصر مادية (كالتعويضات النقدية أو الخدمات الصحية على سبيل المثال) فضلا عن نواح رمزية (كالاعتذار العلنى أو إحياء يوم الذكرى).

إصلاح المؤسسات ويشمل مؤسسات الدولة مثل القوات المسلحة، والشرطة والمحاكم، للحد من آلية الانتهاكات القمعية وتفادى تكرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والإفلات من العقاب.

لجان تقصى الحقائق أو وسائل أخرى للتحقيق فى أنماط الانتهاكات المنتظمة والتبليغ عنها، وللمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

ويمكن القول بأنه اذا تم الألتزام بتطبيق هذه القواعد والخطوات، فإنه يمكن حماية الدول من الإنزلاق الى تصفية الحسابات خارج إطار القانون، او ما يعرفه البعض بالعدالة الأنتقامية، التى تهدف الى الأنتقام من عناصر النظام السابق ومن دعموه، وهو الأمر الذى يؤدى فى النهاية للدخول فى حلقة مفرغة من الأنتقام والنزاع الدموى الذى يهوى بالبلاد إلى التهلكة وطريق اللاعودة من الدمار والخراب.

اقرأ ايضا

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق 4 أبراج فلكية تحب الاهتمام الزائد.. «مش بيعرفوا يعيشوا من غير حب»
التالى عقب اختراق حسابات الفنان محمود حافظ تحذير شديد من كتابة هذه الكلمات على جوجل