أيام معدودة وتفتح سوق الانتقالات الشتوية أبوابها لموسم 2024-25، وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمام الأندية الراغبة في ترميم صفوفها باللاعبين المتاحين، في واحد من أكثر المواسم ازدحامًا بالمباريات في التاريخ.
وبينما درجت العادة أن تعزز الأندية صفوفها من خلال سوق الانتقالات الصيفية بشكل رئيسي، إلا أن الحاجة برزت مع تطور عالم كرة القدم إلى وجود نافذة أخرى لاستقطاب اللاعبين خلال الموسم الكروي، بالرغم من الاعتراضات التي ظهرت بادئ الأمر عندما طرحت الفكرة لأول مرة.
وفي الواقع، فإن نافذة الانتقالات الشتوية لم تكن موجودة قبل تسعينات القرن الماضي، وفق ما هي عليه في يومنا هذا، إذ إن الانتقالات كانت متاحة منذ انطلاق بطولات الدوريات المحلية وتحديدًا في أوروبا، وذلك حتى شهر مارس/ آذار من كل عام، بحيث كان بإمكان الأندية أن تضيف إلى قوائمها ما تشاء من اللاعبين من خلال عقود إعارة أو عقود قصيرة الأمد، وذلك لتعزيز حظوظها في المنافسة على الألقاب أو حتى الهروب من شبح الهبوط.
لكن ومع انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز (بالمسمى الجديد)، بدأت الدعوات لتنظيم انتقالات اللاعبين من خلال فكرة تم طرحها عبر وسائل الإعلام البريطانية، وبالفعل تم اعتماد ما يسمى بسوق الانتقالات الشتوية لأول مرة.
الانطلاق الرسمي للميركاتو الشتوي
في عام 1999، عقد اجتماع لأعضاء "يويفا" في مدينة بورتو البرتغالية، لتتم مناقشة إمكانية فتح المجال للاعبين من أجل التنقل بين ناديين خلال موسم واحد عبر نافذة شتوية، تمتد من منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول وحتى نهاية شهر يناير/ كانون الثاني من كل موسم، على أن تكون هذه الانتقالات محلية، من دون السماح للاعبين بأن يتحولوا إلى دوريات أخرى.
لكن هذا المقترح قوبل بالرفض من قبل الاتحاد الألماني، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الإنجليزي، بالرغم من أن الميركاتو الشتوي كان مطبقًا بصيغة أخرى في البريميرليغ.
لم ينجح "يويفا" في الحصول على قرار بفتح نافذة انتقالات في منتصف الموسم، فالمقترح لم يلق أيضًا حماسة كبيرة من بقية الأعضاء، وفي العام التالي، دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على خط النقاش وطلب من أعضاء الاتحاد الأوروبي التأقلم مع نظام انتقالات نصف موسمي، وذلك في إطار حماية الأندية في ظل تعاظم قوة اللاعبين، بعد إقرار قانون بوسمان الشهير.
وفي مارس/ آذار 2001، وافقت الاتحادات الكروية في قارة أوروبا على فتح نافذة انتقالات شتوية، وكانت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز آخر من أعطى موافقته على الأمر، ليبدأ رسميًّا تطبيق نظام سوق الانتقالات انطلاقًا من موسم 2002-03.
صفقات لاتينية وانتقادات لاذعة
سوق الانتقالات الشتوية أوجدت للعديد من لاعبي القارة اللاتينية مخرجًا مهمًّا بشأن الانتظار لستة أشهر بعد انتهاء موسمها الكروي، والذي عادة ما كان ينتهي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني أو ديسمبر من كل عام، من أجل الانتقال إلى نادٍ أوروبي، خاصة أن الموسم الجديد كان يبدأ في أواخر شهر مارس، الأمر الذي يصعب على اللاعبين الاختيار ما بين البقاء من دون نادٍ لبضعة أشهر أو توقيع عقد مع أنديتهم اللاتينية، ومن ثم الانتقال بعد عدة أسابيع إلى نادٍ أوروبي للاستعداد لبدء الموسم الجديد.
ومنذ مطلع الألفية الجديدة شهدت سوق الانتقالات الشتوية انتقال العديد من اللاعبين من قارة أمريكا الجنوبية إلى أندية أوروبية كبرى عبر نافذة شهر يناير، وهو ما أخلّ بموازين القوى بالنسبة لبعض الأندية، وأثار غضب عدد من المدربين كمدرب أرسنال السابق الفرنسي آرسين فينغر الذي انتقد سوق الانتقالات الشتوية، مشيرًا إلى أنه يجد صعوبة كبيرة في فهم كيفية مواجهة فريق في مرحلة الذهاب، وإمكانية مواجهة نفس الفريق مجددًا في مرحلة الإياب، ولكن مع تغيير ثمانية من لاعبيه خلال الموسم ذاته.
وطالب فينغر والعديد من المدربين بتحديد العدد الأقصى من الانتقالات في الميركاتو الشتوي بلاعبين اثنين فقط كحد أقصى، لكن هذا المقترح لم يبصر النور.
من توريس إلى كوتينيو!
حافظت الكثير من الأندية على تعاملها الحذر مع سوق الانتقالات الشتوية، لكن ذلك لم يمنع من حصول العديد من الصفقات القياسية، وبأرقام نافست الصفقات الصيفية عبر تجاوزها عتبة الـ100 مليون يورو.
وبدأ الميركاتو الشتوي بلفت الأنظار إليه من خلال صفقة انتقال الإسباني فرناندو توريس من ليفربول الإنجليزي إلى نادي تشيلسي، مقابل 58.5 مليون يورو في يناير 2011، حيث كانت قيمة الصفقة الأعلى في سوق الانتقالات البريطانية وسادس أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم آنذاك.
لكن هذا الرقم سرعان ما تهاوى في المواسم التالية، ففي موسم 2016-17 انتقل النجم البرازيلي أوسكار من تشيلسي إلى شنغهاي الصيني مقابل 60 مليون يورو، وشهد الميركاتو الشتوي للموسم التالي 2017-18 جنونًا حقيقيًّا من خلال تهافت الأندية على التعاقد مع اللاعبين بمبالغ كبيرة، بعضها ما يزال صامدًا ضمن أغلى عشرة صفقات في التاريخ حتى يومنا هذا.
وتصدرت القائمة صفقة انتقال البرازيلي فيليبي كوتينيو من ليفربول إلى برشلونة مقابل 135 مليون يورو، وهي ما تزال حتى يومنا هذا أغلى صفقة في سوق الانتقالات الشتوية على الإطلاق، أما باقي الصفقات الكبيرة التي شهدها يناير من العام 2018، فكانت صفقة انتقال المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك إلى ليفربول مقابل 84 مليون يورو، والمدافع الإسباني إيميريك لابورت إلى مانشستر سيتي مقابل 65 مليون يورو، والمهاجم الغابوني بيير أوباميانغ إلى أرسنال الإنجليزي مقابل 60 مليون يورو.
أغلى عشرة صفقات في سوق الانتقالات الشتوية
فيما يلي أغلى عشر صفقات عرفتها سوق الانتقالات الشتوية، وفق نظامها الحالي الذي اعتمد في مطلع الألفية الثالثة:
1-البرازيلي فيليبي كوتينيو: من ليفربول إلى برشلونة (135 مليونًا) – موسم 2017-18.
2-الأرجنتيني إنزو فرنانديز: من بنفيكا إلى تشلسي (122 مليونًا) – موسم 2022-23.
3-الهولندي فيرجيل فان دايك: من ساوثهامبتون إلى ليفربول (84 مليونًا) – موسم 2017-18.
4-الصربي دوسان فلاهوفيتش: من فيورنتينا إلى يوفنتوس (83 مليونًا) – موسم 2021-22.
5-الأوكراني ميخائيلو مودريك: من شاختار إلى تشلسي (70 مليونًا) – موسم 2022-23.
6-البرتغالي غونكالو راموس: من بنفيكا إلى سان جيرمان (65 مليونًا) – موسم 2023-24.
7-البرتغالي برونو فرنانديز: من سبورتنغ لشبونة إلى مان يونايتد (65 مليونًا) – موسم 2019-20.
8-الإسباني إيميريك لابورت: من أثلتيك بيلباو إلى مان سيتي (65 مليونًا) – موسم 2017-18.
9-الأمريكي كريستيان بوليسيتش: من دورتموند إلى تشلسي (64 مليونًا) – موسم 2018-19.
10-الغابوني بيير أوباميانغ: من دورتموند إلى أرسنال (63 مليونًا) – موسم 2017-18.