في أروقة محكمة الأسرة، كانت مي، امرأة تبلغ من العمر 32 عامًا، تنتظر دورها بقلق شديد، عيناها تحملان مزيجًا من الحزن والخوف، بينما تتشبث بحقيبة أوراقها وكأنها طوق النجاة الأخير.
بدأت مي حديثها قائلة لـ تحيا مصر: "تزوجت منذ 12 عامًا، كنت حينها فتاة في الحادية والعشرين من عمري، مليئة بالأمل في بناء حياة مستقرة. سافرت إلى الإمارات مع زوجي الذي يعمل هناك، وعشنا معًا تسع سنوات. كنا عائلة صغيرة سعيدة، ورُزقنا بابننا الوحيد، الذي أصبح محور حياتي بعد ذلك".
لكن الأمور لم تسر كما تمنّت مي، بعد سنوات من العيش في الإمارات، طلب منها زوجها العودة إلى مصر لتربية ابنهما، بحجة أن البيئة هناك ستكون أفضل له. لم تعترض، بل قبلت واعتبرتها فرصة للطفل ليكون بالقرب من أقاربه وجديه.
زوجها مرتبط بعلاقة مع سيدة تكبره سنًا
ذات يوم، بينما كانت تتحدث مع صديقاتها اللواتي بقين في الإمارات، صُدمت عندما أخبرنها أن زوجها مرتبط بعلاقة مع سيدة تكبره سنًا، شعرت أن الأرض تزلزلت تحت قدميها، ولم تصدق في البداية، لكنها لم تستطع تجاهل ما سمعته.
وقالت: "واجهته فورًا في مكالمة هاتفية، لم ينكر، قال لي ببساطة إنه معجب بها، لكنه لا يريد أن ينفصل عني، ولا ينوي ترك ابنه ليعيش بعيدًا عنه، وقال إنها مجرد مرحلة، وإن المهم أن يبقى الطفل في بيئة سوية".
لكن مي لم تستطع تحمل فكرة العيش في ظل هذه العلاقة الثلاثية وقررت أن تطلب الطلاق. في البداية رفض زوجها، لكنه في النهاية وافق، وظنّت أن الطلاق سيكون بداية جديدة، لكنها سرعان ما اكتشفت أنه لم يكن كذلك.
كل المصاريف كانت على عاتقي
وتابعت: "بعد الطلاق، لم ينفق أي شيء على ابنه، كل المصاريف كانت على عاتقي، وكنت أدفع من معاش والدي الراحل، وأحاول توفير كل شيء للطفل. لم يطلب حتى رؤيته، رغم أن ابني يحب والده بشدة وكان يتمنى قضاء الوقت معه".
مرت السنوات، والتحق الابن بالمدرسة، وسارت الحياة كما استطاعت أن تجعلها تسير. لكنها فوجئت بطليقها يعاود الاتصال بها ليهددها: "قال لي إنه سيأخذ ابني إلى الإمارات ولن يسمح لي برؤيته مجددًا. أخبرني أن أي دعوى قضائية لن تفيدني، وأنني لن أستطيع استعادته إذا نجح في إخراجه من البلاد".
رفع دعوى قضائية لـ"منع سفر" طفلها
أدركت مي أن عليها التصرف بسرعة. سارعت إلى رفع دعوى قضائية لـ"منع سفر" طفلها، وهو الإجراء الوحيد الذي قد يمنع والده من إخراجه من مصر. لكن القاضي رفض الدعوى.
"القاضي قال إنه لا يوجد ما يبرر منع الأب من السفر بابنه. لم أصدق ما سمعت. كيف يمكن أن يكون هذا قرار المحكمة؟ هل من الطبيعي أن يُحرم طفل من أمه دون أن يكون لها أي حق في الاعتراض؟".
خرجت مي من المحكمة تشعر بأن عالمها ينهار. زوجها السابق يستطيع في أي لحظة أخذ ابنهما والسفر به بعيدًا، بينما هي عاجزة تمامًا عن فعل أي شيء.
"أنا الآن أعيش في رعب دائم. أراقب ابني كل يوم وكأنها قد تكون آخر مرة أراه فيها. لا أستطيع النوم ليلاً. أستيقظ من الكوابيس وأنا أبحث عنه في كل مكان. أشعر بأنني مهددة بفقدانه في أي لحظة".
تختتم مي حديثها بدموع لا تستطيع السيطرة عليها: "أنا لا أطلب سوى حق طبيعي. أريد أن أكون أماً لابني. لا أريد أن يُحرم من حبي ورعايتي. أليس هذا حقًا مشروعًا لكل أم؟".