طرحت صحيفة هاآرتس في عنوان أحد تقاريرها هذا السؤال: "هل تسعى إسرائيل لتأسيس إمبراطورية في الشرق الأوسط؟" وتصدت لإجابته، قائلةً إنه وسط استعداد قوات الاحتلال الإسرائيلية لقضاء "فترة زمنية غير محددة في مرتفعات الجولان السورية، واصطفاف المستوطنين للدخول إلى غزة ولبنان، أصبح من الصعب مقاومة الحديث عن بناء الإمبراطورية الإسرائيلية، وفي الأشهر الأولى من عام 2024، كثرت تساؤلات العرب في الشرق الأوسط عن ما تحاول إسرائيل أن تفعله، وما إذا كانت إسرائيل تتصرف وكأنها الإمبراطورية التوسعية التي لا يوقفها أحد، متقمصة دور دولة الفتوحات كما كان الحال في القرون الوسطى، وقد بدت على استعداد لغزو الشرق الأوسط بأكمله".
بدا أداء دولة الاحتلال مشبعًا بنوع من جنون العظمة، ولكن الصحيفة تزعم أن هذا الرأي مبالغ فيه إلى حد كبير، ولكنها اعترفت بأنه قابل للتصديق طالما ظلت المنطقة تنظر إلى إسرائيل باعتبارها معتديًا توسعيًا شريرًا دائمًا.
كما أعترفت الصحيفة بأن حرب إسرائيل الانتقامية في غزة كانت بالفعل أكثر وحشية في أوائل عام 2024، وقالت كاتبة المقال، المحللة الإسرائيلية داليا شيندلين: "قد كنت أتمنى بشدة وقف إطلاق النار قبل ذلك بوقت طويل وفي أواخر يناير، كان من الواضح أن العناصر المتطرفة في الائتلاف الحاكم لديها رؤى جامحة حول احتلال غزة".
ولفتت شيندلين إلى أن القرويين في الجولان السوري يخشون من أن يكون بقاء إسرائيل في المنطقة العازلة احتلالًا طويل الأمد، وفي الأثناء يفضل نتنياهو الإسراع إلى الجولان من أجل التقاط الصور أعلى جبل الشيخ السوري، وليس بجوار المنازل المحترقة في كيبوتس نير عوز، ومع ذلك، تزعم الكاتبة أنه لم يكن لدى إسرائيل خطة حقيقية للغزو الإقليمي في بلدان أخرى.
وتزعم الكاتبة كذلك أن الفلسطينيين لديهم سوء الحظ لأنهم ولدوا على أرض يعتقد اليهود أنها مقدسة في الكتاب المقدس وبالإجماع والواقعية السياسية في القرن العشرين، اقتصر الصهاينة من مختلف الأطياف بمطالبهم المتطرفة بالانتداب البريطاني التاريخي، وظل حلم الليكود بـ"ضفتي" نهر الأردن قائما، لكنه اختفى في القرن الماضي فقط، ولكن شهية إسرائيل للتوسع الاستيطاني لا تخفت ولا تضعف كلما سنحت الفرصة، ومنذ التسعينيات فصاعدا، كان الصهاينة من اليسار يزعمون أنهم راضون عن إسرائيل الحديثة داخل الخط الأخضر، لا أكثر ولا أقل، وهذا محل شك في عالم اليوم وسط التطورات الجيوسياسية المتلاحقة بالشرق الأوسط.
وتعترف الكاتبة: "بصراحة، أصبح من الصعب مقاومة ادعاء "الإمبراطورية". بعد أشهر من التصعيد المحدود، وإن كان مميتًا، مع حزب الله، صعدت إسرائيل إلى حرب شاملة في سبتمبر؛ وكانت انفجارات أجهزة النداء وقتل حسن نصر الله مقدمة لغزو جوي وبري واسع النطاق، مصمم لإزالة التهديد العسكري لحزب الله إلى الأبد. ولكن ما هي القيمة الأمنية المضافة لوصف لبنان بأنه "جزء من الأرض الموعودة"، كما فعلت مجموعة جديدة غامضة تسمى "إيقاظ الشمال" في يونيو؟ في ذلك الوقت حذر أنشيل فيفر في صحيفة هآرتس من رفض مثل هذه التصريحات من مؤتمر المجموعة الجديدة عبر الإنترنت، لمجرد أن توطين لبنان يبدو غريبًا".
وفي شهر نوفمبر، قُتل زئيف إيرليش، المعروف لدى مجتمعه بأنه باحث في "أرض إسرائيل" من مستوطنة عوفرا بالضفة الغربية، في لبنان ويبدو أنه كان قد انضم إلى الجيش وكان يجري أبحاثًا حول قلعة قديمة. وتحقق قوات الاحتلال الإسرائيلية في سبب وجوده هناك بصفته مدنيًا، وليس لاحتياجات عملياتية، ويبدو أنه كان يجري ذلك بمساعدة أعضاء محددين من وحدة عسكرية. ومن الصعب أن نتخيل ما كان الرجل البالغ من العمر 71 عامًا ليساهم به بصفته العملياتية. ويبدو الأمر وكأنه كان هناك لإعادة تأريخ أراضي لبنان كجزء من بحثه عن "أرض إسرائيل".
وفي هذا الأسبوع، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضًا بأن أعضاء من "استيقظوا يا شمال" دخلوا إلى لبنان ــ ونصبوا خيامًا. وكان رد المجموعة على التقرير تأكيدًا صريحًا على نيتهم في الاستيطان في جنوب لبنان: "قريبًا لن يكون ذلك عبر الحدود"، كما كتبت المجموعة في رسالة جماعية عبر تطبيق واتساب.
ولا يزال من المذهل أن تغزو إسرائيل أو تحتل أراضي ذات سيادة جديدة لدول أخرى لأول مرة منذ غزو لبنان قبل 42 عامًا. ولكن لا توجد طريقة أفضل لجعل مخططات إسرائيل بشأن غزة تبدو أقل صدمة - الطرد الجماعي والتدمير شبه الكامل للشمال.