عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا مع عدد من المستثمرين في القطاعات المختلفة، لاستعراض التحديات التي تواجه القطاع الخاص، والاستماع إلى تصوراتهم ورؤاهم حول الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدولة للتحرك في مختلف القطاعات خلال العام المقبل.
وتصدر شح الدولار، والفائدة المرتفعة والأداء الحكومي قائمة التحديات أمام المستثمرين. وهو ما نستعرض تفاصيله في السطور التالية.
هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، اعتبر أن العجز الدولاري السنوي "أكبر مشكلة" تواجه مصر، لما له من تبعات خطيرة على التضخم، منوها بأن "القطاع الخاص لم يتسبب في التضخم، بينما يدفع فاتورة لا ذنب له فيها، فإلى متى سيتحمل القطاع الخاص فائدة عند مستوى 32%".
واقترح تشكيل لجنة، تضم البنك المركزي المصري، لدراسة قدرة تحمل الهياكل التمويلية للشركات لهذه الفائدة المرتفعة.
كما نبّه طلعت مصطفى إلى أن "الفكر الحكومي يحتاج إلى تغيير جوهري للتعامل مع الأزمة"، ما يستوجب الاستعانة بالتجارب الناجحة في القطاع الخاص، مقترحًا أيضًا تشكيل لجنة تضم رجال أعمال من قطاعات مختلفة لايجاد حلول لعجز العملة الصعبة لدى الدولة.
فيما رأى رئيس مجموعة حديد عز أحمد عز، أنه "لا يمكن لدولة بحجم مصر أن تنمو بنحو 3.5% فقط العام المقبل"، معطيًا قطاع الحديد كمثال على تراجع ديناميكية اقتصاد البلاد، حيث كان معدل الاستهلاك السنوي للحديد عام 2010 يناهز 9.9 مليون طن، بينما بلغ في السنوات الثلاث الأخيرة 6.5 و6.4 و6.2 مليون طن على التوالي. بينما دولة مثل فيتنام، مماثلة لمصر من حيث عدد سكانها، يتجاوز حجم استهلاكها من الحديد 13 إلى 14 مليون طن سنويًا.
وألقى عز باللائمة لهذا التراجع في استهلاك الحديد على ضوابط واشتراطات البناء "القاسية"، بما يحول دون قدرة 70% من المواطنين على بناء مساكن خاصة بهم، موضحًا أنه لا يطالب بعودة البناء العشوائي؛ إنما "بوضع قواعد تحفز عودة حركة البناء مجددًا".
كما طالب بفتح باب التعيينات في الجهاز الإداري للدولة؛ لإدخال جيل جديد وأفكار جديدة.
ياسين منصور، رئيس شركة "بالم هيلز"، وصف سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بأنه "أساس مشكلة التضخم" في مصر، مطالبًا بأفكار "من خارج الصندوق" لحل هذه المعضلة.
وركز على ضرورة تعزيز أهم مصدري عملة صعبة للبلاد، أولهما تحويلات المصريين في الخارج؛ "التي يجب طرح محفزات لمضاعفتها، بما في ذلك توحيد سعر الصرف".
أما بالنسبة لثاني المصادر، السياحة، فأشار إلى أهمية إجراء دراسات أوفى للأسواق الدولية، لاستقطاب مزيد من الزوار منها، معتبرًا أيضًا أن منح الإقامة، أو حتى الجنسية، للأجانب مقابل شراء عقار في مصر "غير كافٍ"، بل يجب إعطاء الأولوية لإلغاء بعض الضرائب لجذب مشترين من أوروبا وإنجلترا بشكلٍ أساسي.
وخلال اللقاء أيضا، أشار هاني برزي، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للمجموعة في شركة إيديتا للصناعات الغذائية، إلى أن القطاع الخاص واجه عامًا صعبًا، مثلما واجهت الحكومة، نتيجة لعدد من العوامل؛ منها ما شهدنا من ارتفاع في معدلات التضخم، وغير ذلك من التحديات، معربا عن تطلعه إلى النظر في خفض سعر الفائدة، بما يسهم في زيادة معدلات الاستثمار، وداعيا إلى البدء في دراسة برنامج جديد لرد الأعباء التصديرية بدلا من البرنامج القديم الذي تم إعداده في ظروف معينة على أن يتم الانتهاء من البرنامج الجديد قبل بدء العام المالي المقبل.
هذا وقالت ميرنا عارف، المدير العام لشركة مايكروسوفت مصر، خلال اللقاء، إنه رغم كل هذه الجهود المبذولة هناك حاجة ماسة دائما لخلق بيئة أعمال أكثر سهولة واستقرار، والاعتماد على التكنولوجيا بشكل أكبر، كما أن هناك حاجة لوضوح السياسات والإجراءات التنظيمية والتشريعية بصورة أكبر.
ودعت إلى إعطاء الأولوية للقطاع الخاص في جميع ما يُطرح من مشروعات، وتنفيذ شراكات بين المستثمر الأجنبي والمحلي، مشيرةً إلى أن هناك إيجابيات كثيرة في الوقت الراهن، كما أنه تم حل الكثير من المشكلات رغم التحديات الخارجية المحيطة.
ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في ختام اللقاء أن النقاط التي طرحها الحُضور من المُستثمرين، سيتم النظر فيها ووضعها في الاعتبار، كما سيتم تشكيل مجموعات استشارية من رئاسة مجلس الوزراء، لبحث كل مُقترح، لاستهداف رقم نمو مأمول لكُل قطاع، كما سيتم اتخاذ كُل قرار مُمكن، والحكومة ستتابع تنفيذ تلك القرارات، وتذليل أية تحديات.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية مُهتمة بكل القطاعات، إلا انها تولي اهتمامًا وتركيزًا لبعض القطاعات ذات التنافسية الأعلى، والتي نتمتع بمزايا نسبية فيها، مشيرًا إلى أن القطاعات يتكامل عملها بشكل واضح، وتدعم بعضها بعضًا، ويتم النظر لعمل القطاعات بصورة شاملة، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن قطاعا مثل التشييد والبناء يسهم في تشغيل العديد من القطاعات والصناعات الأخرى.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الجميع يتفق على أن الفترة القادمة تتطلب العمل على تحسين مناخ الأعمال والاستثمار بشكل أكبر، من خلال قرارات إدارية وحزم ومبادرات وغيرها، مشيرًا إلى أن للقطاع الخاص الوطني دورا مهما في دعم جهود الحكومة في عملية النمو والتنمية.