مع ازدياد احتياج العالم إلى مدن مستدامة تساهم في الحفاظ على موارد البيئة من مياه وطاقة، وتحسين جودة الهواء وتصمد أمام التحديات المناخية، حجزت سلطنة عمان مقعدها في عالم المدن الذكية بتدشين "مدينة السلطان هيثم"، تلك المدينة الرائدة التي تعد نموذجًا للمدن المستقبلية ووجهة جاذبة ومعززة للاستثمار، ونقلة نوعية في التصميم الحضري والتخطيط العمراني، بما يتوافق مع رؤية "عمان 2040".
ففي قلب العاصمة مسقط، أرست سلطنة عمان أسسا لمستقبل ذكي بما يعد إرثا لأجيال الغد التي تتوق إلى الحداثة والتطوير، وذلك من خلال "مدينة السلطان هيثم" التي تعد أول مدينة ذكية في البلاد، بمساحة إجمالية تبلغ 14 مليون متر مربع.
ويعد المشروع، الذي يحظى باهتمام واسع من كافة قطاعات وجهات السلطنة، وسيلة لتحقيق متطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على الموروث الثقافي للأجيال القادمة، كما يشكل نموذجًا فريدًا لمستقبل المدن العمانية، إذ تحتوي على عناصر جاذبة للعيش والإقامة والاستخدام.
تأتي "مدينة السلطان هيثم" تتويجًا لرحلة التحول الشامل التي تنتهجها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني نحو تنمية عمرانية مستدامة لمجتمعات مزدهرة، من خلال تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الوطنية بالتوافق مع "رؤية عمان 2040"، وتمثل المدينة أهمية خاصة باعتبارها اللبنة الأولى ونموذجًا جديدًا لبناء مدن مستدامة تحاكي الحياة العصرية وتطلعات الشباب في السلطنة.
وجرى تخطيط المدينة لتسع 100 ألف نسمة، وتضم 20 ألف وحدة سكنية تتوزع على 19 حيا متكاملا بمختلف المرافق والخدمات التي تلبي حاجات القاطنين.
ويبلغ عدد مرافق الرعاية الصحية في المدينة 11 مرفقًا مختلفًا، فيما يبلغ عدد المدارس بالمدينة 39 مدرسة، تنوعت بين الحكومية والخاصة والشاملة لجميع المراحل الدراسية.
وترتكز المدينة على 12 معيارًا عالميًا من معايير جودة الحياة ورفاهية العيش بدءًا من التكلفة المناسبة والمرافق المتكاملة، وصولًا إلى أسلوب الحياة الحديث والأنظمة المستدامة، وهي أهداف تم على أساسها تقييم المخطط الرئيسي للمدينة.
وتضم المدينة شبكة داخلية للتنقل، من توزيع شبكة الطرق والمرافق المجتمعية والخدمات ضمن مسافات متقاربة تراعي إمكانية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المرافق المتنوعة وتستوعب مختلف أنواع أساليب التنقل، مثل المواصلات العامة والخاصة بطريقة مترابطة تصل بين جميع أحياء المدينة ومراكزها ومرافقها المختلفة، معززة بأساليب الراحة والأمان، كما تنتشر المساحات والمسطحات الخضراء فيها والمسارات المظللة حيث تم تصميمها بطريقة تسمح بمرور النسمات اللطيفة بين أروقتها وممراتها؛ لتحسين الجو العام داخلها.
وتحتوي المدينة على مسارات للمشاة والدراجات لتنويع أساليب التنقل الصحي فيها، وتراعي استدامة البيئة من خلال استخدام الطاقة المتجددة والتدابير الخاصة بحفظ المياه ومعايير البناء المستدامة للحفاظ على البيئة، إضافة إلى طابعها الاجتماعي المعزز للتفاعل والاتصال بين أطياف المجتمع من خلال المساحات المشتركة وتصاميم الأحياء السكنية.
واعتمدت المدينة تصاميم ذكية ومتكاملة توفر مستويات غير مسبوقة من الخصوصية في الوحدات السكنية، وتقديم مجموعة من الخيارات التي تجمع بين الكثافة العالية والمنخفضة لتتماشى مع كافة مستويات الدخل وتتجاوب مع المتغيرات المناخية وتنسجم مع التطورات المستقبلية؛ حيث تم تصميم البنية الأساسية بمرونة هندسية تراعي التكيف المطلوب لاحتياجات النمو السكاني مستقبلا، وتكلفة الصيانة.
كما تشتمل "مدينة السلطان هيثم" على مرافق مجتمعية متطورة ذات مواقع استراتيجية تم اختيارها بدقة فائقة كي تتيح للسكان إمكانية الوصول إليها بسهولة تامة ويقوم تصميمها على مفهوم مبتكر يتبنى استراتيجية "التجمع"، حيث يتم جمع الأماكن والوجهات التي تقدم خدمات متشابهة في مكان واحد، كما أن هذه الاستراتيجية تتيح للسكان الاستخدام المشترك للمرافق العامة مثل مواقف السيارات والملاعب والمتنزهات، وتسهم في تحقيق الاستخدام الأمثل للمساحات وبناء مراكز مجتمعية في قلب المجتمعات السكنية وتوفر للسكان تجربة تواصل فاعلة.
وتتجاوز المدينة مفهوم الحياة الحضرية المعتاد، وتحوي مجتمعًا متمدنًا ومتحضرًا يبني الحاضر ويرسم مستقبلًا أكثر نماء وإشراقًا، ومجتمعًا يؤمن بأن الحياة رحلة دائمة ومستمرة يجب استثمار حاضرها من أجل الغد.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق