يُعد الابتكار أحد المفاهيم الأساسية في عالمنا اليوم التي تؤدي دوراً مهماً في تحفيز التطور التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي وفي كثير من المجالات ومحوراً حيوياً في النمو والتنميه المستدامة، ولكن، هل يحتاج الابتكار إلى شهادة رسمية؟ وهل يُعد التعليم الأكاديمي شرطاً أساسياً للابتكار، أم أن الإبداع يمكن أن يتجلى دون خلفية تعليمية رسمية؟ ولذا في هذا المقال، سأحاول استعراض الإجابة على ذلك من جوانب متعددة لتتضح الصورة وبشكل أعمق.
قبل الخوض في الموضوع، من المهم أن نفهم ما هو الابتكار، يُعرف الابتكار بأنه عملية تطبيق فكرة جديدة أو تحسين فكرة موجودة لإنتاج شيء يفيد المجتمع، ويتضمن تطوير منتجات جديدة، وتحسين للخدمات، وتقديم نماذج عمل مبتكرة، أو حتى إيجاد حلول لمشكلات معقدة.
لا شك أن الشهادات الأكاديمية تساعد على توفير قاعدة معرفية قوية يكتسب منها المهارات الأساسية والمفاهيم النظرية التي يمكن أن تمهد الطريق للابتكار، فعلى سبيل المثال، الدراسات في العلوم والهندسة أو التكنولوجيا يمكن أن توفر الأدوات اللازمة لتطوير أفكار جديدة، وتسهم هذه الشهادات أيضاً في توسيع شبكة العلاقات الاجتماعية وتبادل الأفكار والإلهام والتعاون، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز الابتكار وإيجاد فرص جديدة. وتعد بعض شهادات المؤسسات التعليمية مرجعاً موثوقاً للجودة ومعياراً للتميز، وفي بعض الصناعات، تُعد الشهادة شرطاً للحصول على وظائف معينة، ما يجعل الحصول عليها أمراً ضرورياً. وغالبًا ما يتطلب الابتكار تعاون مجموعة من الأفراد الذين يمتلكون مهارات وخبرات مختلفة ولذا توفر الجامعات موجهين وإشرافاً أكاديمياً، ما يؤدي إلى تبادل الأفكار بسرعة أكبر وابتكارات أفضل.
وعلى الرغم من فائدة الشهادات، تُظهر عديد من الدراسات أن التجربة العملية قد تكون أكثر قيمة من التعليم الأكاديمي في بعض المجالات وهناك عديد من رواد الأعمال المبتكرين حققوا نجاحًا كبيرًا دون أي تعليم جامعي واعتمدوا في تحقيق ذلك من خلال تجاربهم الشخصية وقدرتهم على التعلم من الأخطاء. ويعد البعض أن الابتكار هو صفة فطرية لا تحتاج إلى تعليم، فالأفراد الذين يتمتعون بقدرة على التفكير النقدي والإبداع يمكن أن يفكروا خارج الصندوق دون الحاجة إلى الشهادات.
وفي عصر الإنترنت، تتوافر المعلومات بسهولة ويمكن لأي شخص التعلم من الموارد المتاحة وتطبيق ما يتعلمه في مشاريعه الخاصة. وبالتالي، يمكن أن يكون التركيز على التعلم الذاتي أكثر فاعلية من التعليم التقليدي، وتظهر الابتكارات في مجالات مثل الحرف اليدوية أو الزراعة التي تعتمد على المعرفة التقليدية، ما يدل على أن الشهادات الأكاديمية ليست ضرورية دائماً، وهناك أمثلة كثيرة على المبتكرين المؤثرين لم يكملوا تعليمهم الجامعي وبعضهم ليس لديه تعليم أكاديمي ومع ذلك كانوا مؤثرين وفاعلين وأدّوا دوراً كبيراً في الاقتصاد وفي عديد من المجالات لا يسع المقام لسردهم.
ويبدو لي أن السؤال "هل يتطلب الابتكار شهادة؟" ليس له إجابة بسيطة مطلقة، فبينما تقدم الشهادات الأكاديمية معرفة وأدوات قد تساعد في العملية الابتكارية، فإن الإبداع والتجربة العملية يمكن أن ينتجوا ابتكارات هائلة، حتى دون الاعتماد على التعليم الرسمي، ولذا، قد يكون من الأصح القول إنه ليس شرطاً أساسياً للابتكار ولكنه يمكن أن يكون أداة مفيدة، فالابتكار يتطلب بالأساس شغفًا ورغبة في التعلم واستكشاف الأفكار الجديدة، بغض النظر عن الخلفية الأكاديمية، وذلك يعني أن الخيال والإبداع يمكن أن يتجاوزا حدود المؤهلات الأكاديمية، وأن الابتكار يمكن أن يظهر في أي مكان، وفي أي زمان ومن أي شخص.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.