belbalady.net قالت دار الإفتاء إن الغوث هو اسم مصدر من الإغاثة لُقِّب به بعض من اشتهروا بالنجدة والفتوة من باب إطلاق الحدث على الذات لتمكُّن الشخص في المعنى كأنه تجسد فيه، ويُقصَد به أنه سببٌ للإغاثة، أما الله سبحانه وتعالى فإنه المغيث على الحقيقة أي المُؤَثِّرُ الخالق، والاشتراك في لفظ الوصف لا يقتضي الاشتراك في تَمَام المعنى بين الخالق والمخلوق؛
وأوضحت الإفتاء أن تلقيب الولي الصالح بالغوث سواء كان حيًّا أو ميتًا، ليس فيه معنًى سوى أنه سببٌ في إغاثة الخلق، والإغاثة مندوب إليها شرعًا، سواء في مصالح الدنيا أو في مصالح الدين.
وأضافت أنه لا يوجد مانع في الشرع من إطلاق لقب "الغوث" على بعض الأولياء الصالحين الذين اشتُهر في الناس تسبُّبُهم في الإغاثة واستجابة الدعاء، وقد أسند اللهُ إلى عيسى عليه السلام الخلقَ والإحياءَ وإبراءَ الأكمه والأبرص باعتبار أنه تعالى قد أجرى هذه الأمور والتصرفات على يديه فجعله سببًا فيها؛ فقال تعالى: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110].
وأكدت الإفتاء أن هذا الإطلاق باعتبار هؤلاء الأولياء سببًا، والفاعل على الحقيقة والمؤثر هو الله تعالى، وهو الذي أجرى على يد بعض عباده مِن الأحياء والأموات أسبابًا لإغاثة الخلق، يؤكد هذا المعنى قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لا نَرَاهُمْ» أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
حكم إطلاق لقب "الغوث" على الولي الصالح
وقالت الإفتاء إن العقيدة الإسلامية ناطِقةٌ بأمرين على السواء، وهم:
الأول: أن الخلق والتأثير في الإغاثة على الحقيقة إنما هو لله تعالى وحده دون أحدٍ مِن خَلقِه؛ حيًّا كان هذا المخلوق أو ميتًا؛ وقد ورد وصف الله تعالى "بالمغيث" كما ورد ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في عد الأسماء الحسنى عند الحاكم في "المستدرك على الصحيحين".
الثاني: أنه قد يُسنَد إلى بعض الخلائق شيءٌ أُسند للذات الإلهية مِن باب أن الله تعالى أقام هذا المخلوق سببًا في هذا الأمر على سبيل المجاز المرسل أو العقلي؛ كما أسند إلى عيسى عليه السلام الخلق والإحياء وإبراء الأكمه والأبرص باعتبار أن الله تعالى أجرى هذه الأمور والتصرفات على يديه فجعله سببًا فيها؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 49].
وفي قوله: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110]؛ ولذا قيدت هذه الأمور في الآيات بقوله: ﴿بِإِذْنِ اللهِ﴾ و﴿بِإِذْنِي﴾، ولذلك جاز طلب الغوث من الخلق على جهة التسبب لا على جهة التأثير؛ كما في قوله تعالى حكاية عن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: 15].
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الوفد "