نظم المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان أمس، لقاءً توعويًا لتعزيز وعي الكوادر الطبية لمحافظتي القاهرة والجيزة، بهدف تحسين جودة الخدمات الصحية والطبية المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بأحد فنادق القاهرة.
محاور اللقاء وجلساته المختلفة
استعرض اللقاء في جلسته الأولى الخدمات المقدمة من قبل وزارة الصحة والسكان للأشخاص ذوي الإعاقة، كما تناولت الجلسة المواد القانونية الخاصة بالصحة الإنجابية والأمراض الوراثية لذوي الإعاقة. بينما ناقشت الجلسة الثانية التأهيل الطبي والنفسي وأهمية الدعم المجتمعي للأشخاص ذوي الإعاقة في الجامعات المصرية، والحقوق الصحية وآداب التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة. أما الجلسة الثالثة، فقد استعرضت الإجراءات التيسيرية الخاصة بإتاحة الحصول على الخدمات الصحية وأساليب دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مع غيرهم من المنتفعين، كما تطرقت للحديث عن أساليب التأهيل والرعاية المقدمة للإعاقات المكتسبة التي قد تنتج عن الحوادث.
توجيهات رئيس الجمهورية بشأن الصحة الرقمية
من جانبها، قالت الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، إن هذا اللقاء يأتي وفق توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بالمؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية البشرية، بضرورة إنشاء نظام صحي رقمي متكامل يعتمد على دقة الأرقام وجودة البيانات، مع تطبيق الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات الصحية، بهدف زيادة الوصول إلى الخدمات الصحية الرقمية. كما أكدت على ضرورة تمكين ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال التنمية البشرية، والتي تبدأ بالعمل على تعزيز الوعي والتدريب والتأهيل لكل المتعاملين مع هذه الشريحة المجتمعية التي يقدر عددها بالملايين، وخاصة المرأة والطفل ذوي الإعاقة.
استراتيجية المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة في تعزيز الوعي والتدريب
أشارت "المشرف العام على المجلس" في بيان صحفي صادر عن المجلس إلى أنه من الضروري العمل سوياً لتهيئة البيئة المكانية والمعلوماتية، والنهوض ببرامج الحماية الاجتماعية وتنمية المهارات، من خلال الاستثمار في التمكين الاقتصادي وتعزيز أطر سياسات الإدماج الاقتصادي والشمول المالي، بهدف تحقيق الشراكات بين المؤسسات الحكومية والقطاع الأهلي والخاص. كما أكدت على أهمية البحث العلمي والدراسات لحل المشكلات العملية في الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة وذويهم، واستحداث أطر تشريعية ومؤسسية تضمن ذلك.
الالتزام بتوفير الصحة للجميع وفق نهج شامل
أوضحت أن استراتيجية وخطة عمل المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة تركز على الاهتمام بملفات الصحة والسكان والتعليم والبحث العلمي. وأكدت على أن توفير الصحة للجميع يتطلب نهجًا شاملاً لجميع أجهزة الحكومة وشرائح المجتمع، بما يشمل الاقتصاد، والشؤون المالية، والبنية التحتية، والإسكان، والنقل، والطاقة، والبيئة، والشركاء الدوليين في الصحة. كما شددت على إقامة حوار هادف وتبادل الخبرات والتوصيات والأفكار لضمان التقدم في مجال الصحة والتنمية للوصول إلى نتائج منصفة لأجيال الحاضر والمستقبل.
تعزيز الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
فيما وجهت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان، رئيس المجلس القومي للسكان، الشكر للحضور نيابة عن الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، معربة عن اهتمامه البالغ بتعزيز الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنمية الخدمات المقدمة لهم. كما أضافت أن وزارة الصحة والسكان تعمل بالتعاون مع الجهات المختلفة على تهيئة المستشفيات وتطوير البروتوكولات العلاجية لتوفير بيئة صحية دامجة للأشخاص ذوي الإعاقة.
تشجيع الاستشارات ما قبل الزواج للحد من الإعاقات
أشارت الألفي إلى أن كل الوحدات الصحية أصبحت الآن تحتوي على غرفة مشورة أسرية مدربة على كيفية التعامل مع الإعاقة ودمج ذوي الإعاقة في المجتمع. وأكدت على ضرورة تضافر الجهود للحد من الإعاقة، والتوعية بأهمية إنجاب طفل معاف، والحد من زواج الأقارب، الذي يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالإعاقات. كما شددت على أهمية المشورة ما قبل الزواج والتحاليل التي تتيح تلافي الإعاقات الذهنية والعيوب الخلقية.
تشجيع تأخير الحمل الأول وتجنب الزواج المبكر
دعت الألفي أيضًا إلى محاربة الزواج المبكر الذي يحرم الأطفال من طفولتهم، مؤكدة على أهمية المباعدة الحقوقية بين الحمل المتعاقب من 3-5 سنوات، وتأجيل الحمل الأول لحين استعداد الأم لإنجاب طفل معاف. كما شددت على ضرورة استشارة الفتيات والشباب المقبلين على الزواج بشأن أهمية التحاليل ما قبل الزواج لتكوين أسرة صحية.
الجهود في الحد من الأمراض الوراثية والإعاقة
من ناحية أخرى، قالت الدكتورة نانيس عبد المحسن، مدير عام الإدارة العامة للحد من الأمراض الوراثية والإعاقة، إن الإدارة بدأت العمل على الحد من الإعاقة منذ عام 2000 من خلال فحص جميع المواليد في الجمهورية لمرض نقص هرمون الغدة الدرقية. وأوضحت أنه في عام 2015 تم إضافة مرض بيلَة الفينيل كيتون إلى البرنامج القومي لفحص المواليد، كما تم إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن 19 مرضًا وراثيًا للأطفال حديثي الولادة في عام 2021.
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ضوء حقوق الإنسان
قدمت الدكتورة وفاء بنيامين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عرضًا حول “الحقوق الصحية والإنجابية للأشخاص ذوي الإعاقة في ضوء حقوق الإنسان”، مؤكدة على أهمية الحق في الرعاية الصحية الشاملة للأفراد بغض النظر عن إعاقتهم. كما استعرضت المعاهدات الدولية والتشريعات المصرية التي تدعم هذه الحقوق، مشيرة إلى ضرورة توفير بيئة صحية آمنة وشاملة تلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.
جهود جامعة عين شمس في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة
من جهتها، قالت الدكتورة رنا هلالي، مدير مركز خدمة الطلاب ذوي الإعاقة بجامعة عين شمس، إن الجامعة تهدف إلى أن تكون مجتمعًا جامعيًا دامجًا بلا حواجز، يخدم ما لا يقل عن 2750 طالبًا من ذوي الإعاقة وآخرين من العاملين والموظفين. وأشارت إلى أن الجامعة تعمل على تنفيذ بنود قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (10) لسنة 2018، مع توعية أعضاء هيئة التدريس والإداريين حول ذلك، وتوفير الدعم الطبي والنفسي للأشخاص ذوي الإعاقة.
التمكين الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة
أوضحت داليا عاطف، مسئول إدارة المرأة والطفل بالمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ومنسق عام اللقاء، أن الحقوق الصحية والتمكين الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة حق مكفول بموجب المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية. وأكدت على أهمية تعزيز الوعي لتحسين جودة الخدمة، بما يمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى التنمية، مشيرة إلى أهمية التعاون مع كافة الشركاء في الحكومة والمجتمع المدني للوصول لخدمات صحية تراعي معايير الجودة وتتناسب مع نوع وشدة الإعاقة.
قال الدكتور علاء بلبع، أستاذ العلاج الطبيعي وصاحب مبادرة "لا إعاقة"، إن اهتمام الدولة بذوي الإعاقة في تزايد مستمر منذ عام 2018، حيث أصبح هناك اهتمام متزايد في توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية والحقوق الدستورية لهم. وأشاد بجهود المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة في عقد الدورات والندوات التوعوية.
توصيات اللقاء لتعزيز الخدمات الصحية لذوي الإعاقة
في ختام اللقاء، خرج المجلس بعدة توصيات هامة، منها:
- تبني واستحداث مبادرات لتعزيز وعي الكوادر الطبية لتحسين جودة الحياة الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة.
- إقامة مشروعات وبرامج تعزيز الصحة والرفاه للأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة للمرأة والطفل.
- التعاون بين الوزارات والقطاعات المتعددة للصحة بنهج شامل بالشراكة بين شركاء التنمية.
- رفع كفاءة المنشآت الصحية والطواقم الطبية لتقديم خدمات صحية عالية الجودة.
- إدراج خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة بمراكز الرعاية الصحية الأولية.
- تعزيز وعي الكوادر الصحية باحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة طبقا لنوع وشدة الإعاقة.
- تبني حملة إعلامية توعوية لتعزيز وعي الكوادر الطبية وتحسين جودة الخدمات الصحية.
التوسع في تقديم خدمات الصحة الإنجابية للأشخاص ذوي الإعاقة
كما جاء من ضمن التوصيات توسيع الوصول إلى خدمات تنمية الأسرة الشاملة مع رفع الوعي بخدمات ووسائل تنظيم تقديم المشورة الأسرية لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة. كما تم التأكيد على أهمية تقديم برامج مشورة ما قبل الزواج وربطها بتحاليل ما قبل الزواج، بهدف تكوين أسرة واعية ومستقرة من أجل جيل سليم وصحي، للحد من الإعاقة.
توسيع الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية للفتيات والمراهقات ذوات الإعاقة
تم التوصية أيضًا بتوسيع الوصول إلى خدمات الصحة والإنجابية للفتيات والمراهقات ذوات الإعاقة، خاصة في المناطق الأكثر احتياجًا، مع ضرورة توفير رعاية خاصة لحقوق المرأة ذات الإعاقة الإنجابية. كما شددت التوصيات على تمويل مشروعات للخدمات الصحية من خلال "صندوق قادرون باختلاف".
حملة إعلامية لتعزيز الوعي بالكادر الطبي
وفي إطار تعزيز الوعي بين الكوادر الطبية، تم التوصية بتبني حملة إعلامية توعوية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة. يشارك في هذه الحملة الهيئات المعنية بالصحافة والإعلام في مصر، بالإضافة إلى الإعلان عن المجهودات المبذولة في مجال الصحة والإعاقة على صفحة المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، مع مشاركة المجلس في الموضوعات ذات الصلة عبر جلسات مخصصة في الدورة الثالثة من مؤتمر السكان والصحة والتنمية البشرية المقرر عقده في الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر 2025.