أخبار عاجلة
أحمد فريد يتصدر التريند بأغنية «غايب» -
غدا.. أولى جلسات محاكمة قاتل ”عريس البراجيل” -

الواقعية الفرنسية

الواقعية الفرنسية
الواقعية الفرنسية

الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا دول لا تهتم كثيرًا بالعواطف الجياشة التي تمرض بها الدول المتخلفة أو الدول غير القادرة على تجاوز الجدار الوهمي الإيديولوجي لما قبل 1989، لأنها تعترف بشيء واحد: مصلحة البلد الاستراتيجية، مع دراسة الربح والخسارة في أي علاقة.

تأخرت فرنسا لأن شعبها يعتقد أن الثورة الفرنسية هي التي حررت الشعوب وأرست المبادئ الأولى لحقوق الإنسان قبل أن تتبناها الأمم المتحدة، لذلك فهي تتلكأ في الغالب وراء نفاق نصرة الشعوب والأمم التي تدّعي تقرير مصيرها. ولا بأس في أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، غير أنها تمارس سياسة أخرى في الخفاء، مراعاة لمصالحها الاقتصادية وموقعها كمستعمر سابق.

الحزم المغربي أتى أكله، حيث نجح في تغيير مواقف المستعمرين السابقين للمنطقة، إسبانيا ثم فرنسا، وحقق اختراقًا دبلوماسيًا ذا ثقل كبير، سيكون دليلًا للمترددين الذين سيقتنعون أنهم لا يستطيعون معرفة تاريخ المغرب وصحرائه أكثر من هؤلاء المستعمرين، خاصة الدول التي توجد في بلاد الواقواق، ومع ذلك تُزايد على بلدنا في موضوع لا تعرف منه سوى ما تقرأه في جريدة لوموند أو لومانيتي أو ويكيبيديا.

اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية حاضرًا ومستقبلًا على الصحراء واضح لا غموض فيه، ربما كان أقوى حتى من الموقف الإسباني، وهو بذلك يعبّد الطريق لمجموعة من الدول المترددة في أوروبا وإفريقيا للالتحاق بركب المناصرين لقضيتنا الوطنية. ولعل الانتخابات القريبة تفرز أغلبية غير معادية للمغرب في فرنسا، لأن اليسار الفرنسي متعدد الألوان لا يحمل ودًا في قلبه لصحرائنا رغم مرور ما يقارب 50 سنة من وضع سيادي واقعي لا تغيير فيه.

انتصار المغرب في الأمم المتحدة جلي واضح، يتمثل في نبذ الاستفتاء وتقرير المصير نهائيًا، مع منع المينورسو من تجاوز اختصاصاته، وفي اتضاح العزلة الجزائرية بجذرية أكبر، مع تبرّؤ أقرب أصدقائها لها، تاركين إياها تغرد خارج الإجماع، تغريدات أقرب إلى المصاب بالجنون منه إلى العاقل المتزن. ونحن نطمح أن يكون أكتوبر 2025 آخر مسمار في نعش أوهام الجزائر الأبدية.

السؤال الذي خلفته الواقعية الفرنسية الجديدة هو الاستغراب من تأخر اعتراف فرنسا رغم قيادتها من طرف صديقين كبيرين للمغرب، جاك شيراك وساركوزي. هل كانا ينافقان المغرب؟ هل كانت مصالح فرنسا في الجزائر ذات خطر كبير؟ هل كانا يخشيان اليسار المناصر لتقرير الشعوب؟ هل كانا خجولين سياسيًا لم يجرؤا على خطوة ليسا في مستوى مسؤوليتها؟

التفسير الأكثر منطقية هو الموقف الأمريكي الجريء الذي عبر عنه ترامب حين اعترف بمغربية الصحراء بلُغة واضحة لا تحتاج تحليلاً بلاغيًا لفهمها، فترك أصدقاء المغرب في ذهول كبير، استرجعوا بعده شجاعة غير مسبوقة، وترك الأعداء في صدمة مزلزلة لم يفيقوا منها بعد. وكان من الطبيعي أن يشيّد ترامب سلوكًا ديبلوماسيًا جديدًا يحدو حذوه الأقرباء من الدول والأباعد. ولم يتبق اليوم من الأعداء سوى المرتشين والشيوعيين والمتزوجين بالجزائر زواجًا كاثوليكيًا لا طلاق سهل فيه. لكنهم قلة قليلة من التافهين الذين لا وزن لهم ولا قيمة، مع استثناء جنوب إفريقيا وإيران.

هنيئًا إذن لفرنسا واقعيةُ رئيسها المتأخرة، التي مسحت كل ذنوب السابقين، من دوغول إلى ميتران. ولعل المستقبل يؤسس لعلاقات أكثر براغماتية وواقعية للمغرب ولفرنسا معًا. وكما يقول المثل المغربي: “الخير وقتاش مّا جا ينفع”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق المشدد 15 سنة لعاطل قتل عاملا فى مشاجرة بالزاوية الحمراء
التالى مطران طنطا للروم الأرثوذكس يترأس صلوات القداس الإلهي في القاهرة