أكدت وزارة الداخلية تكثيف عملها على مواجهة “تصاعد حالات التسمم الغذائي” في المغرب، مبرزةً أنه موازاة مع تدخلات اللجان الإقليمية المختلطة تم إحداث “خلية وطنية لليقظة الصحية وخلايا محلية مكونة من قطاعات الداخلية والصحة والفلاحة”؛ لغاية “حصر حالات التسممات الغذائية التي يمكن تسجيلها، والكشف والتعرف على مصدرها، كما تعمل بتنسيق مع المصالح المختصة بالمعابر الحدودية والمطارات والموانئ من أجل احتواء المخاطر الصحية للمواد الغذائية المهربة وغير الصالحة للاستهلاك حفاظا على صحة وسلامة المستهلكين”.
وأفادت معطيات رسمية واردة ضمن جواب كتابي لوزير الداخلية، عن سؤال برلماني، أنه “في إطار تحسين أداء المكاتب الجماعية لحفظ الصحة وجعل أنشطتها أكثر احترافية في مجال المراقبة الصحية للمنتجات الغذائية فإن وزارة الداخلية، بشراكة مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، أنجزت مشروعا نموذجيا بجهة سوس ماسة هَمَّ المراقبة الصحية للمنتجات الغذائية، وكذا تعزيز مؤهلات الموارد البشرية لهذه المكاتب عبر تنمية الخبرة ونقل المهارات، بالإضافة إلى تنظيم عدة ورشات تحسيسية لفائدة المنتخبين ومهنيي القطاع”.
وتابع المصدر ذاته بأن “هذه التجربة النموذجية ستعزز آليات العمل والتنسيق بين مختلف المتدخلين لاستباق المخاطر الصحية المرتبطة بالمواد الغذائية، بما فيها محاربة عشوائية بيع الوجبات الغذائية”، قبل أن يكشف العمل على “تعميمها تدريجيا على كل عمالات وأقاليم المملكة بعد تقييم نتائجها”.
وزير الداخلية أورد، في جواب كتابي محيَّن المعطيات توصلت هسبريس بنسخة منه، أن “الخلايا الوطنية والمحلية المعنية بسحب كل المنتجات الغذائية التي لا تستوفي الشروط الصحية من الأسواق تقوم بدور في إعلام وتحسيس كل من المنتجين، والموزعين والباعة، وأصحاب المطاعم والمقاهي والمحلات، من أجل احترام المساطر القانونية المعمول بها في ميدان الوقاية وحفظ الصحة”.
وحسب وثيقة الجواب فـ”التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته بلادنا في السنوات الأخيرة ضاعَفَ أعداد المؤسسات التي تختص في تحضير ونقل وتخزين وتوزيع المواد الغذائية، مؤديا إلى تحولات كبيرة في العادات الغذائية للمغاربة، حيث تزايدت نسبة الإقبال على المقاهي والمطاعم ومحلات تقديم الوجبات السريعة، ما استوجب معه تكثيف المراقبة”.
مراقبة الجودة
حسب الوزير ذاته فإن “عمليات مراقبة الجودة والسلامة الصحية للمأكولات والمشروبات من بين الآليات المعتمدة لحماية المستهلك من التسممات الغذائية”، موردا أنها “تُباشَر على مستويين؛ الأول يتم عبر ممارسة المتدخلين كل في نطاق اختصاصاته”؛ والمستوى الثاني للمراقبة يؤطّره “عمل جماعي من خلال لجان إقليمية مختلطة مكونة من قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بالعمالات أو الأقاليم، والمكتب الجماعي لحفظ الصحة، وقطاع الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والسلطة المحلية”.
وأضاف المصدر نفسه: “يتم القيام بجولات تفتيش للمحلات والأماكن التي تُهيّأ أو تعرض فيها المواد الغذائية للمستهلك، وفق برنامج محدد أو في إطار زيارات ميدانية فجائية، وذلك للتأكد من مدى احترامها الشروط الصحية ومطابقتها معايير الجودة، مع أخذ عينات من هذه المواد قصد تحليلها بالمختبرات المعتمدة، ومصادرة وإتلاف المواد الفاسدة أو المهربة أو التي لا تتوفر على عنونة؛ كما يتم تحرير محاضر المخالفات بشأنها وإحالة المخالفين على العدالة قصد المتابعة القضائية طبقا للقوانين الجاري بها العمل”.
حفظ الصحة
استحضر لفتيت، في معرض جوابه المفصل الاختصاصات الذاتية الموكولة للمجالس الجماعية ورؤسائها في المجال الوقائي، عبر المكاتب الجماعية لحفظ الصحة التي تضمن “مراقبة دائمة للمواد الغذائية والمشروبات المعروضة بالمؤسسات الغذائية والمقاهي وللأشخاص العاملين بها. وتشمل هذه المراقبة أيضا احترام شروط التخزين حسب المعايير الجاري بها العمل في هذا المجال، بما فيها سلسلة التبريد، إضافة إلى مراقبة وسائل نقل هذه المواد للتأكد من مدى احترامها المعايير التي تضمن سلامتها وجودتها”.
“لتجاوز السلبيات التي تعاني منها وتحسين أدائها فإن وزارة الداخلية بصدد مواكبة العديد من المكاتب الجماعية من أجل تأهيل وتجهيز مكاتبها في إطار شراكة معها”، يوضح الجواب، مذكراً بـ”تنفيذ مخطط عمل الوزارة الممتد بين 2019 و2025، عبر إنجاز برنامج يهم إحداث 130 مكتبا جماعيا لحفظ الصحة مشتركا بين الجماعات الترابية، لتدارك الخصاص المسجل بالجماعات التي لا تتوفر على هذا النوع من التجهيزات، حيث ستستفيد منه 1244 جماعة تنتمي إلى 53 إقليما، وتبلغ كلفته الإجمالية 1040 مليون درهم تساهم فيها الوزارة بنسبة %50”.
ويشكل تعزيز وتقوية القدرات التقنية والعملية لهذه المكاتب في مجال مراقبة وضمان السلامة الصحية للمأكولات والمشروبات الغذائية وجودتها إحدى الركائز الأساسية للبرنامج، حسب الوزارة.
كما “سيتم دعم هذه المكاتب بـ 260 طبيباً و130 طبيبا بيطرياً، و260 ممرضاً و260 تقنيا لحفظ الصحة، عن طريق حصة سنوية من الضريبة على القيمة المضافة، يتم تحويلها لفائدة الجماعات التي تضم مقر المجموعة المنخرطة في برنامج إحداث 130 مجموعة للجماعات الترابية، وسيتم تنظيم مباريات مشتركة لتوظيف هذه الأطر”.
تعاون حكومي
تم خلال السنة “التوقيع على اتفاقية شراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قصد تكوين بعض موظفي الجماعات المستوفين الشروط المطلوبة بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، وإعادة إدماجهم بعد الحصول على الدبلوم في التخصصات المطلوبة”، بعد إجراء المباريات ذات الصلة. فيما “يعتبر هذا الإجراء كأحد الحلول البديلة لتوظيف الأطر التمريضية والتقنية بالمكاتب الجماعية لحفظ الصحة لتعزيز دورها، خاصة في مجال المراقبة الصحية للمواد الغذائية”، حسب وزارة الداخلية.
كما تم التوقيع مؤخرا من طرف قطاعيْ الداخلية والمالية على “مشروع مرسوم يتعلق بالتعويضات عن المخاطر المهنية لفائدة الممرضين وتقنيي حفظ الصحة التابعين للجماعات الترابية، وذلك من أجل تحفيزهم وملاءمة وضعية هذه الفئة مع نظيراتها بالصحة العسكرية والمدنية. ومن شأن هذا الإجراء تعزيز قدرات هذه المرافق الجماعية الحيوية في مجال المراقبة الصحية لجميع الأماكن والمحلات التي تُهيّأ أو تعرض بها المواد الغذائية، بما فيها المحلات العشوائية لتقديم الوجبات الغذائية”.