أشار موقع راديو فرانس إنترناسيونال إلى أن الاقتصاد المصري في طريقه إلى التعافي التام من أزمات السنوات الماضية، ولكن وسط إجراءات الجولة الأخيرة من الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي، وجدت أغلب الطبقة المتوسطة في البلاد نفسها تكافح من أجل تحمل تكاليف السلع التي كانت تعتبر في السابق من الأساسيات.
وأشار الموقع الفرنسي إلى أن الصندوق دعم منذ فترة طويلة تدابير التعافي الاقتصادي في مصر بما في ذلك سوق الصرف الأجنبي المرنة وتقليص الدعم الحكومي المجاني، وعلى أرض الواقع، ترجم ذلك إلى تآكل الطبقة المتوسطة مع التأثير السلبي على القوة الشرائية، وأصبحت العائلات تفرض على نفسها رقابة شرائية لتقرر في نهاية المطاف منا ستشتري وما ستترك، وامتد هذا إلى خفض حتى السلع الأساسية - مثل الحليب.
ومؤخرًا، رفعت مصر أسعار الوقود بنسبة 17.5 في المائة الشهر الماضي، مسجلة بذلك الزيادة الثالثة هذا العام فقط، وتعد هذه الإجراءات من بين الشروط لبرنامج قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، والذي تم توسيعه هذا العام من 3 مليارات دولار في البداية لمعالجة أزمة اقتصادية حادة.
ولجأت أسر كثيرة إلى تقليص ميزانيتها للحوم، مما قلل استهلاكها من أربع مرات إلى "مرتين فقط في الأسبوع"، وتواجه مصر، واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية على الإطلاق، وتضاعف الدين الخارجي أربع مرات منذ عام 2015 ليسجل 160.6 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024، كما أدت الحرب في غزة إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد.
وأدت الهجمات المتكررة على الشحن في البحر الأحمر من قبل الحوثيين في اليمن تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة إلى خسارة قناة السويس الحيوية في مصر - وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية - لأكثر من 70 في المائة من عائداتها هذا العام، وتطلب مصر في الوقت الراهن إعادة تقييم محتملة لبرنامج صندوق النقد الدولي في ضوء التطورات الإقليمية التي تضرر منها الاقتصاد الوطني، وأدت سلسلة من تخفيضات العملة إلى تقليص قيمة الجنيه المصري على مر السنين.
وأشار الموقع الفرنسي إلى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي: "إذا كانت هذه التحديات ستجعلنا نضغط بشكل لا يطاق على الجمهور، فيجب مراجعة الوضع مع صندوق النقد الدولي"، كما استبعد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أي أعباء مالية جديدة على المصريين "في الفترة المقبلة"، دون تحديد إطار زمني.
وفي وقت سابق من نوفمبر الجاري، أشادت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بالتأثير الطويل الأجل للبرنامج، قائلة إن المصريين “سيرون فوائد هذه الإصلاحات في اقتصاد مصري أكثر ديناميكية وازدهارًا”.
وجاءت تصريحاتها في الوقت الذي بدأ فيه صندوق النقد الدولي مراجعة متأخرة لبرنامج قروضه، والذي قد يفتح المجال أمام 1.2 مليار دولار من التمويل الجديد لمصر.