أحالت منظمة الكرامة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، في وقت سابق من شهر نونبر، ملف الصحافي الاستقصائي الجزائري عمار تيجاني، اللاجئ في سويسرا، نيابة عنه، إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، داعية إياها إلى معالجة ملف الانتهاكات التي تعرض لها على يد ضباط الجيش الجزائري.
كما دعت المنظمة الحقوقية غير الحكومية سالفة الذكر السلطات الجزائرية إلى فتح تحقيق في هذه الانتهاكات، ومحاسبة المتورطين فيها، وتعويض المعني بالأمر عن الأضرار التي لحقت به جراء ذلك.
وحسب المعلومات التي استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية، فقد تعرض عمار تيجاني، صحافي وعضو الجمعية الجزائرية لترقية المواطنة وحقوق الإنسان، من مواليد سنة 1992 بولاية تبسة، لعملية اختطاف في أواخر شهر ماي من عام 2019، حيث جرى اقتياده إلى مركز “عنتر بن عنكون” التابع للمخابرات الجزائرية.
وأفادت المعطيات ذاتها بأن المختطف تعرض، هناك في المركز سالف الذكر، لأقصى أنواع التعذيب على أيدي ضباط كبار في الجيش الوطني الشعبي الجزائري؛ على رأسهم الفريق جبار مهنا، المدير السابق لإدارة التوثيق والأمن الخارجي (DDSE)، والعقيد زرقين سواعي، الملقب بـ”معاذ”، وضباط آخرين.
وعن أسباب اختطافه تعسفيا وطبيعة التهم الموجهة إليه، قال عمار تيجاني، في دردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن “السبب هو كتاباتي حول قضايا الفساد في مؤسسات الدولة، خاصة حديثي عن تورط كل من خالد تبون، نجل الرئيس الحالي، ومحمد جميعي، رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية آنذاك، في قضايا تهريب المخدرات الصلبة”، لافتا إلى أن “المعروف عن عائلة هذا الأخير هو أنها تمتهن التهريب بكل أنواعه في الشرق، خاصة ولاية تبسة الحدودية مع تونس”؛ فضلا عن مشاركتي في الحراك الشعبي، الذي انطلق في ذلك الوقت”.
وأضاف: “تعرضت للاعتقال أكثر من مرة بسبب نشاطي السياسي ومنشوراتي حول قضايا الفساد والتهريب قبل وبعد اختطافي وتعذيبي من طرف ضباط الجيش، على رأسهم الجنرال مهنا والعقيد زرقين سواعي، بإيعاز من محمد جميعي وبعض رجالات المال الفاسد المتورطين في قضايا فساد ثقيلة. وقد تقدمت، بعد إطلاق سراحي من مركز التعذيب “عنتر بن عنكون” سيئ السمعة، بشكاية إلى النائب العام في تبسة ضد الانتهاكات التي تعرضت لها على يد هؤلاء الضباط؛ غير أنه لم يحرك الدعوى العمومية ضدهم لأنهم أشخاص ذوو نفوذ، ولأن القضاء في الجزائر غير مستقل أبدا، في وقت استمرت فيه المضايقات ضدي”.
وفي أواخر عام 2021، استُدعي المعني بالأمر إلى مركز الدرك الوطني للتحقيق معه بشأن عدد من الاتهامات الموجهة ضده، والتي كانت ثقيلة هذه المرة، حيث شملت الانتماء إلى جماعة إرهابية، والتخابر لصالح جهات خارجية، وتهديد الأمن الداخلي؛ وهو ما مهد لمحاكمته من طرف القضاء العسكري في البليدة بالجزائر العاصمة. غير أنه نجح، وكما يؤكد، قبل أيام فقط من انطلاق أولى جلسات محاكمته، في الفرار إلى الخارج، وتحديدا سويسرا، خوفا من قضاء بقية عمره خلف القضبان وبتهم واهية، رغم تلقيه اتصالا من السلطات الجزائرية بضمان عودته الآمنة إلى البلاد شريطة التخلي عن أنشطته السياسية وتخفيف حدة انتقاداته للنظام.
وأكد تيجاني لهسبريس أن “السبب في التهم الثقيلة التي وُجهت إليّ في أوائل دجنبر من عام 2021 هو تفجيري لفضيحة تتعلق بإدخال ملابس عسكرية من الخارج بطرق مشبوهة من لدن الجنرال جبار مهنا والجنرال علي أولحاج، قائد الدرك الوطني الحالي؛ وهي الفضيحة التي تناولتها وسائل إعلام في الجزائر وفي الخارج، قبل أن يتم اعتقالي واقتيادي إلى مركز مجموعة الدرك الوطني للبحث والتحري بباب الجديد في العاصمة. وتم تحويلي إلى المحكمة العسكرية التي حددت موعد محاكمتي بتهم عديدة؛ منها التعامل مع جهات معادية، والإخلال بالنظام العام، وتسريب معلومات حساسة. لكني، قبل بدء المحاكمة بعشرة أيام، هربت إلى الخارج بطريقة غير نظامية إلى إيطاليا ومنها إلى سويسرا حيث حصلت على اللجوء”.
يذكر أن منظمة “الكرامة” تبنت قضية الصحافي الاستقصائي الجزائري عمار تيجاني، اللاجئ في سويسرا؛ فعملت على رفع شكاية إلى اللجنة الأممية المعنية بحقوق الإنسان توثق جميع الانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها، من قبيل التعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، بسبب أنشطته وآرائه السياسية. ونددت المنظمة الحقوقية في الوقت ذاته بفشل السلطات الجزائرية في الوفاء بتعهداتها الدولية، خاصة ما يتعلق بالحقوق والحريات المتضمنة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.