تُمثّل بئر خنجر 1 في مصر، الواقعة بمنطقة شمال الضبعة البحرية في غرب البحر المتوسط، فرس رهان للحكومة المصرية، الساعية إلى تطويرها بهدف تعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي خلال السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، يقول عضو هيئة تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أحمد بدر، إن البئر تعدّ الحلقة الأحدث في سلسلة اكتشافات الغاز المصرية، التي تستهدف الحكومة تنميتها على مدى السنوات الأخيرة.
وأضاف: "تريد مصر من خلال استكشاف بئر خنجر 1 زيادة مواردها من الغاز الطبيعي، في وقت تتراجع فيه القدرة الإنتاجية الإجمالية للغاز، مع انخفاض أكبر حقل غاز في البلاد، وهو حقل ظهر".
ولفت إلى أن البئر الغازية، الواقعة ضمن امتياز تملكه شركة شيفرون الأميركية، تشارك فيها مؤخرًا شركة قطر للطاقة، التي يبدو أنها تتجه بثقلها للمشاركة في جهود التطوير، لا سيما أن التقديرات الأولية تشير إلى إمكانات كبيرة.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "قضايا نفطية.. ترمب وأوبك وإيران والاكتشافات الجديدة في مصر".
أهمية بئر خنجر 1 لقطاع الطاقة المصري
تطرَّق أحمد بدر إلى أهمية بئر خنجر 1 لقطاع الطاقة المصري، قائلًا، إن أعمال الحفر التي انطلقت قبل أيام، جاءت وسط آمال مصرية لتحقيق إضافات كبيرة لاحتياطياتها من الغاز الطبيعي، وزيادة معدلات الإنتاج.
ومن شأن ذلك، وفق بدر، دعم الاقتصاد الوطني، في ظل حالة من الارتباك الاقتصادي التي تعيشها القاهرة منذ عامين أو يزيد، لا سيما مع انخفاض إنتاجها من الغاز الطبيعي، وزيادة الطلب على الكهرباء في الوقت نفسه.
وأوضح عضو هيئة تحرير منصة الطاقة أن إنتاج مصر المحلي لا يكفي لتحقيق استقرار منظومة الكهرباء، وفي الوقت نفسه لا تُستثمر إمدادات الغاز المستوردة بالكامل، في ظل مساعي القاهرة لزيادة صادراتها من الغاز المسال، المتوقفة منذ مايو/أيار 2024 لتلبية الطلب الداخلي على الكهرباء.
يشار إلى أن مصر كانت تستورد الغاز الإسرائيلي وترسله إلى محطات الإسالة، بهدف تحويله إلى غاز مسال وتصديره لبيعه في الأسواق الفورية، لتوفير العملة الصعبة، وذلك في المدة التي سبقت مايو/أيار الماضي، قبل أن تتوقف مع دخول فصل الصيف.
وأضاف: "تُعلِّق القاهرة آمالًا كبيرة على بئر خنجر 1، التي تشير التقديرات والدراسات المبدئية إلى أنها تضم كميات تجارية ضخمة من الغاز، إذ سبق أن أشارت مصادر لـ"الطاقة" إلى أن حجم الاحتياطيات القابلة للاستخراج يتراوح بين 3 و5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز".
إلّا أن أحمد بدر أكّد أن الوقت ما يزال مبكرًا لتحديد حجم الاحتياطيات بدقّة، إذ إن التصور النهائي لحجم إمكانات البئر من المتوقع أن يتضح خلال 3 أشهر من الآن بحدّ أقصى، أي من الممكن الحصول على أرقام دقيقة خلال مدة تتراوح بين 45 و90 يومًا.
دخول شركة قطر للطاقة
أشار الباحث أحمد بدر إلى دخول شركة قطر للطاقة خطَ اكتشاف وتطوير بئر خنجر 1، وذلك من خلال التعاقد مع شركة شيفرون الأميركية على حصة تبلغ 23% في منطقة الامتياز.
وأوضح أن أعمال الحفر في بئر خنجر 1 بدأت يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وهي خطوة تراها وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية ضرورة لتحقيق جزء من إستراتيجية قطاع النفط والغاز في البلاد.
وأضاف: "تستهدف هذه الإستراتيجية تكثيف الأنشطة الاستكشافية وحفر الآبار، لا سيما في المناطق الواعدة مثل منطقة غرب المتوسط، للوصول إلى احتياطيات جديدة، تعزز أمن الطاقة في مصر، وتلبي الاحتياجات المتزايدة من الغاز الطبيعي".
وأكد أحمد بدر أن دخول شركة قطر للطاقة خط الاستثمار والتطوير في بئر خنجر 1، من خلال صفقة الاستحواذ، التي جاءت بعد يوم واحد فقط من بدء أعمال الحفر في البئر، يمثّل أهمية كبيرة للشركة القطرية ولقطاع النفط والغاز المصري في آن واحد.
وتابع: "وقّعت قطر للطاقة الاتفاقية مع شركة شيفرون الأميركية لتستحوذ على حصة 23% في امتياز منطقة شمال الضبعة البحرية، الواقعة على بُعد 10 كيلومترات قبالة السواحل المصرية على البحر المتوسط، في أعماق مياه تتراوح بين 100 متر و3 آلاف متر".
وبعد إتمام الصفقة، وفق بدر، أصبحت شركة شيفرون تحتفظ بحصّة 40%، لتكون المشغّل الرئيس، في حين تمتلك شركة "وودسايد" الأسترالية حصة 27%، وتمتلك شركة ثروة للبترول الحكومية المصرية حصة 10%، والحصة الباقية لقطر للطاقة.
وأردف: "بالنسبة للجانب المصري، يمثّل دخول شركة قطر للطاقة في الامتياز أهمية كبيرة، إذ يشير إلى أن قطاع النفط والغاز في مصر ما يزال جاذبًا للاستثمارات العالمية، لا سيما أن الشركات الـ3 الأجنبية في المشروع تعدّ من الأكبر عالميًا".
تغيير قوي في حجم الشركات
أوضح أحمد بدر أن إعلان الشركة القطرية دخول هذا المشروع سيؤدي لتغيير قوي في حجم الشركات التي تنافس على المزايدة التي طرحتها مصر مؤخرًا، لمنح حقوق التنقيب عن النفط والغاز في 12 منطقة على البحر المتوسط ومنطقة دلتا النيل.
وقال: "دخول الشركات الكبرى لن يسمح بتكرار تجربة العراق في طرح جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، التي نافست عليها بالكامل تقريبًا شركات صينية، بعضها ضخم، وبعضها متوسط الحجم".
ولفت عضو هيئة التحرير إلى أن المشاركة القطرية في مشروع بئر خنجر 1 تضمَّن دخول شركات عملاقة للمنافسة على الاستثمار داخل قطاع النفط والغاز المصري، بِعَدِّه واعدًا ومبشّرًا ويضمن الربح مستقبلًا.
من الجانب الآخر، هناك استفادة لقطر للطاقة، فالكميات الاحتياطية التي تعد بها المنطقة مبشرة، كما أن الشركة تسعى لتوسعة محفظة أعمالها في قطاع الغاز المصري، مضيفًا: "أعتقد أنها ستشارك بقوة في المزايدة التي تُجريها مصر، وسيُغلَق باب التقدم لها في 25 فبراير/شباط 2025".
وأضاف: "الشركة تسعى إلى زيادة حجم استثماراتها في مصر، ومن ناحية أخرى تسعى إلى تعزيز شراكتها المهمة مع شركة شيفرون الأميركية، وهو ما يؤكده حديث وزير الدولة لشؤون الطاقة المهندس سعد بن شريدة الكعبي، بشأن تأكيد الاتفاقية التزام الشركة تجاه قطاع النفط والغاز المصري".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..