توقع باحثون مغاربة في المناخ والتنمية المستدامة أن “تتواصل درجة الحرارة في ارتفاعها لأسابيع أخرى، على الرغم من اقتراب دخول فصل الشتاء الذي يفصلنا عنه أسبوعان فقط”، منبهين إلى ما وصفوه بـ”مذبحة المناخ”، التي تحرك هذه الاضطرابات نتيجة تعنت الدول الصناعية الكبرى وعدم الامتثال للتوصيات الأممية المرتبطة بوقف انبعاثات غازات الدفيئة.
أزمة مناخ
رشيد فاسح، باحث في الشأن المناخي والتنمية المستدامة، قال إن “استمرار ارتفاع درجة الحرارة إلى غاية دجنبر يطلق تساؤلات كثيرة”، معتبرا أن “الوضع ليس عاديا؛ فهو يهدد بالمزيد من الكوارث الطبيعية الناجمة عن اضطرابات المناخ التي حذر منها الخبراء الأمميون وغيرهم”، وزاد: “الوضع جدي، ويمكن أن نشهدُ أمطارا عاصفية وفيضانات”.
فاسح استدعى “تداخل الفصول” للوصول إلى “خُلاصة خطيرة” بتعبيره مفادها أن “ما نعيشه هو اكتفاء دورة السنة بفصلين فقط عوض أربعة: شتاء وربيع وصيف وخريف”، مبرزا أن “السنة الماضية كانت مشابهة لهذا الوضع؛ لكن الحالية بخصوصيات مغايرة.. نحن نتحدث في شهر دجنبر عن استمرار درجة حرارة مرتفعة”، وأورد: “من المحتمل أن يتواصل ذلك لأسابيع أخرى”.
وتابع شارحا: “هذا أصبح القاعدة، ونبهنا إليه بأن التغير المناخي وارتفاع درجة الحرارة مستمران حتى يناير؛ لأن هذه التداعيات تعاني منها المناطق الجافة وشبه الجافة والمدارية كذلك”، متوقعا أن “يُفضي الأمر إلى تأخير التساقطات المطرية التي نشهدها سنويا في يناير وفبراير”، وزاد: “مناطق كثيرة في العالم تشكو من هذه المشاكل المناخية”.
وأورد المتحدث لهسبريس قائلا: “هذا ليس عاديا حتى بالنسبة لدورة الأرض حول الشمس، ولهذا تأثير واضح على تكريس الجفاف وتداعياته على قطاعات استراتيجية مثل القطاع الفلاحي”، ذاكرا أن “التحدي الحقيقي هو ضرورة أن يتعايش الناس مع الأوضاع المناخية الجديدة بوصفها صارت قدرا شبه نهائي بالنسبة للإنسانية أمام الصعوبات التي يعيشها الكوكب”.
واقع ممتد
محمد السحيمي، باحث في البيئة والمناخ والتنمية المستدامة، قال: “درجة الحرارة غير الاعتيادية التي نشهدها في المغرب والممتدة حتى دجنبر هي ترسيخ لظاهرة التغير المناخي الذي أصبح ملموسا لدينا في السنوات الأخيرة، وليس مستبعدا أن تتواصل الحرارة لأسابيع إضافية”، مسجلا أن “قساوة المناخ الذي نعيشه اليوم أصاب العديد من المواطنين بتخوفات وتساؤلات مختلفة”.
ضمن إفاداته لهسبريس، نبه السحيمي إلى أنه “بالنسبة للخبراء والمتتبعين لشؤون البيئة والمناخ فهذا أمر متوقع وغير مفاجئ، وهو انعكاس لانعدام التوازن البيئي الذي تسببت فيه اليد البشرية بشكل مباشر. ومن ضحايا هذا التغير المناخي القاسي وبشكل أساسي هي دول شمال إفريقيا ومعها المغرب، ومخرجات هذه الظاهرة هو مزيدا من تبخر المياه السطحية بشكل سريع”.
وحذر الباحث سالف الذكر من التداعيات المرتبطة بـ”الزيادة في استنزاف المياه الجوفية بشكل أكبر، وتآكل المجالات الغابوية بسبب البحث عن المراعي والقضاء عن الشتائل في مهدها والعديد من الإشكالات المتعلقة بهذا التغيير الذي أصاب الطقس المحلي”، مبرزا أن “التوجه العام لبلادنا اليوم وفق الرؤية الملكية هو مسايرة هذه القساوة المناخية من خلال مشاريع تنموية ومستدامة”.
من أهم هذه المشاريع، وفق المتحدث، “توفير مياه الشرب لكافة المناطق من خلال الرفع من مشاريع تحلية مياه البحر وقطع أشواط مهمة باستحداث وسائل الزراعة لكي تتماشى مع طبيعة هذا المناخ رغم أن الأمر مازالت فيه انتظارات وتطلعات لاعتماد منتوجات زراعية تتماشى مع الواقع الحالي”، خالصا إلى ضرورة “التعايش مع المناخ الحالي أمر لا مفر منه”.