أعلن أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، عزم الهيئة على حلّ الفصائل المسلحة وتهيئة مقاتليها للانضمام إلى الجيش السوري الجديد. وأكد الجولاني، في بيان رسمي، ضرورة تبني عقلية الدولة بدلاً من عقلية المعارضة، مشددًا على أن الجميع سيخضع للقانون تحت مظلة وزارة الدفاع في المرحلة المقبلة.
يأتي هذا الإعلان ليضع هيئة تحرير الشام في سياق محاولة واضحة للانتقال من حالة الفصائلية إلى بناء مؤسسات دولة، خصوصًا في المناطق التي تسيطر عليها الهيئة شمال سوريا.
وأضاف الجولاني أن الهدف الأسمى يكمن في تنظيم القوات العسكرية ضمن إطار موحّد وشرعي، بحيث لا يكون هناك سلاح خارج أيدي الدولة، وهو ما اعتبره المراقبون خطوة نحو تعزيز الاستقرار الأمني في مناطق نفوذ الهيئة.
إلغاء التجنيد الإلزامي وزيادة الرواتب
وفي تطور آخر، أعلن الجولاني عن قرارات مهمة تتعلق بالجيش الجديد، أبرزها إلغاء نظام التجنيد الإلزامي باستثناء بعض الاختصاصات "ولفترات قصيرة".
كما أكد وجود خطط لرفع رواتب العسكريين بنسبة 400%، ما يعكس توجهًا نحو تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمقاتلين والموظفين ضمن النظام الجديد.
وتشير هذه القرارات إلى محاولة "هيئة تحرير الشام" تقديم نفسها كحكومة مسؤولة وقادرة على إدارة الملفات العسكرية والاقتصادية، بعيدًا عن الفوضى التي ميزت الفصائل المسلحة في سنوات الحرب.
إعادة الإعمار وإعادة المهجرين: أولويات المرحلة المقبلة
أكد الجولاني أن أولى أولويات الهيئة خلال المرحلة القادمة تتمثل في "إعادة بناء المنازل المهدمة" والعمل على عودة المهجرين إلى مناطقهم.
وأوضح أن الجهود ستُبذل حتى "آخر خيمة"، في إشارة إلى إنهاء معاناة النازحين السوريين الذين يعيشون ظروفًا قاسية في مخيمات اللجوء.
وتأتي هذه الخطوات كجزء من خطة شاملة تهدف إلى إعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المناطق التي تسيطر عليها الهيئة، ما قد يسهم في تحسين صورة "هيئة تحرير الشام" داخليًا وخارجيًا.
التعامل مع ملفات النظام السابق وإغلاق السجون
في سياق متصل، أشار الجولاني إلى عزمه "حل قوات الأمن التابعة للنظام السابق"، مع تعهده بإغلاق السجون سيئة السمعة التي كانت مصدرًا للرعب في ظل حكم النظام السابق.
وتمثل هذه التصريحات تطورًا جذريًا في نهج "هيئة تحرير الشام"، خاصة أنها تتبنى خطابًا جديدًا يسعى إلى استقطاب الدعم الشعبي وإبراز توجهاتها نحو بناء نظام قانوني جديد.
التعاون مع المنظمات الدولية وتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية
في خطوة أثارت اهتمامًا دوليًا، أعلن الجولاني أن "هيئة تحرير الشام" تعمل مع المنظمات الدولية لتأمين المواقع التي يُحتمل وجود أسلحة كيماوية فيها.
وقد رحبت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بهذه التصريحات، معتبرة أنها تصب في مصلحة الاستقرار الأمني ومنع استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا.
ويرى محللون أن هذا التوجه يعكس رغبة "هيئة تحرير الشام" في تقديم نفسها كشريك دولي موثوق يمكن التعامل معه في الملفات الحساسة.
الجولاني بين الانتقال السياسي والاعتراف الدولي
تعكس تصريحات الجولاني الأخيرة تحولًا استراتيجيًا في خطاب "هيئة تحرير الشام"، التي تسعى إلى تغيير صورتها من فصيل عسكري معارض إلى سلطة منظمة تدير مؤسسات دولة.
وبينما تتزايد التحديات المتعلقة بتحقيق هذا الهدف، تُعتبر هذه التحركات محاولات جادة لتأمين اعتراف دولي ضمنيًا، خاصة في ظل التعاون مع الجهات الدولية في ملفات حساسة مثل الأسلحة الكيماوية.