ما إن تراجعت درجات الحرارة بالمغرب خلال الأيام الماضية، معلنة بداية “موسم البرد”، حتى تجنّدت الإطارات الجمعوية في العالم القروي من أجل إعادة تذكير الجهات الرسمية بضرورة “نهج مبدأ الاستباقية والحيلولة دون تضرر فئات واسعة خلال هذه الفترة ومعاناتها من العزلة جراء الأمطار وحتى الثلوج”، مؤكدة أن “الساكنة القروية الأكثر تضررا من فصل الشتاء”.
وارتأت الإطارات نفسها التنويه مبدئيا بالمجهودات الرسمية التي يتم القيام بها في إطار “المخطط الوطني لمكافحة آثار البرد” الخاص بوزارة الداخلية، في وقت شددت على مسألة “دخول المجتمع المدني هو الآخر على الخط عبر قوافل طبية وتضامنية، بإمكانها أن تكون ذات تأثير على ساكنة المرتفعات والقرى وخفض معاناتها المتكررة كل سنة”.
وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، استعرض بمجلس النواب، في نونبر الماضي، تفاصيل “المخطط الوطني لمكافحة آثار البرد” للموسم الشتوي 2024/2025، وأوضح أنه تمت إضافة 185 دوارا إلى قائمة الدواوير المستهدفة بهذا المخطط، ليصل مجموعها إلى 2014 دوارا، تضم ساكنة تقدر بـ 872 ألف نسمة.
تفاعلا مع الموضوع، قال احساين وزني، فاعل جمعوي بمنطقة إملشيل، إن “الفترة الممتدة ما بين نونبر وأبريل من كل سنة تظل من أصعب المراحل التي نقضيها كساكنة المنطقة، على اعتبار أن درجات الحرارة تكون جد متدنية وتبقى مستقرة عادة تحت الصفر، مما يتطلب المزيد من اليقظة من السلطة والمحليين كذلك”.
وبالنسبة لوزني، الذي تحدث لهسبريس، فإن هذه الفترة “عادة ما تستلزم مدخرات مالية ولوجيستية لدى الأسر بالمجال القروي تحديدا، حيث يرتفع طلبها على ما يوفره الغطاء النباتي من وسائل التدفئة على الرغم من تراجعها، إلى جانب الغاز والكهرباء، ونحن ندرك بساطة هذه الفئات”، موضحا أن “ما تقوم به السلطات من مجهودات جد مهم”.
ولفت المتحدث الانتباه إلى أن “هذه المجهودات لا تلبي كل متطلبات السكان المتضررين من صعوبة الطقس خلال هذه الفترة؛ فهؤلاء يحتاجون إلى الدعم والمواكبة الشاملة، وهو ما يؤكد كذلك ضرورة دخول المجتمع المدني على الخط من خلال الرفع من عدد القوافل التضامنية والطبية”، منوها بـ”التوزيع الجغرافي لدور الأمومة التي صارت تقدم للحوامل القرويات خدماتها بالقرب منها، حيث لمسنا في هذا الصدد تطورا إيجابيا، لكن نريد المزيد من الدعم للفئات التي تكون متضررة أو أكثر عزلة خلال هذه الفترة”.
وشدد الفاعل الجمعوي ذاته على “أولوية إعمال الاستباقية في هذا الصدد من قبل كل من السلطات والمجتمع المدني، الذي يجب هو الآخر أن يكون مساندا للمجهودات الرسمية التي تهدف إلى مساعدة المتضررين من قساوة الطقس في العالم القروي”.
أما الحسين المسحت، عضو السكرتارية الوطنية للائتلاف المدني من أجل الجبل، فقال: “من الناحية المبدئية، وجود مخطط للدولة يهم مكافحة آثار البرد كل سنة بعدد من المجالات الجغرافية، بما فيها الجبلية، أمر مهم جدا، خصوصا ونحن نتحدث عن كون الطقس البارد يزيد من معاناة فئات قروية هشة في الأساس”.
وكشف المسحت، متحدثا لهسبريس، أن “المسألة الرئيسية في هذا الصدد هي الخوف من تنزيل المخططات على المستوى الترابي؛ فمع الأسف، نجاح مثل هذه المخططات مرتبط أساسا بكفاءة المسؤولين الترابيين ودقة المعطيات التي يتم توفيرها والتي بموجبها يتم تحديد طريقة التعامل مع كل منطقة على حدة؛ فالمعطيات مبدئيا يجب أن تكون دقيقة”.
محاولا الاستدلال على كلامه، لفت المتحدث إلى أنه “إذا استحضرنا مخطط إعادة البناء والإيواء بالمناطق المتضررة من الزلزال، فسنجد أن هناك تعثرا كبيرا، مما عمق من معاناة المتضررين، حيث إن نسبة من هؤلاء ما يزالون يقطنون في خيام بلاستيكية في ظل هذه الظروف”، مشيرا إلى أن “المخططات على العموم بحاجة إلى إحداث الأثر على المستوى الميداني”، مؤكدا كذلك أنه “من المفروض أن القيمة المادية الممنوحة لهؤلاء المتضررين أن تعرف الارتفاع ما دُمنا على أبواب فصل الشتاء”.