أخبار عاجلة
السيطرة على حريق في محيط مطار القاهرة الدولي -

د. «ميادة» ورسالتها نحو «الخصخصة»

د. «ميادة» ورسالتها نحو «الخصخصة»
د. «ميادة» ورسالتها نحو «الخصخصة»

الجمعة 11/أكتوبر/2024 - 02:09 م 10/11/2024 2:09:21 PM

لقد أهدتنى أستاذتنا الدكتورة ميادة عبدالقادر إسماعيل، أستاذ ورئيس قسم القانون العام كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، مؤلفها وعنوانه التنظيم القانونى لخصخصة المرافق العامة «دراسة مقارنة»، والكتاب هو ثمرة فكر بحثها العلمى فى حصولها على درجة «الدكتوراه»، والذى يضاف إلى ذخائر كتب مؤلفاتها القانونية العامرة، وأنا أطالع أبواب هذا الكتاب أجد فى مقدمته تباين آراء الفقهاء والكُتاب حول شرح فكرة «الخصخصة»، وقد تحدثت فيها أستاذتنا على أساس مبادئ أنظمة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، وهذه الفلسفة والنظريات تختلف من دولة عن أخرى، بمعنى أن الدول الرأسمالية الكبرى المعروفة «بالاقتصاد الحر»، وعلى رأسها (أمريكا وبريطانيا وفرنسا..)، والتى تقام ملامح نهضة مجتمعاتها على أساس الملكية «الخاصة»، أى أن سياسة التصنيع والإنتاج فَيَهِمَا تعتمد على رأس المال الفردى، والتى تساهم فى تمكينه من السيطرة على أغلب المنشآت الاقتصادية فيها، مع تذليل كافة الصعوبات والعقبات التى تعوق تقدمه، وعلى ذلك تفتح هذه الدول أبوابها الواسعة أمام الاستثمارات الأجنبية والوطنية أمام رؤوس هذه الأموال... وعلى النقيض من ذلك، تجد أن فلسفة المذهب الحر ليس لها وجود أو مكان فى دولة تسيطر على كل نواحى النشاط فيها، مثال ذلك التحول الاشتراكى فى مصر بداية عقد «الستينيات» من القرن الماضى، وقد أمعنت أستاذتنا النظر فى توضيح آراء أهل الفقه فى تعريفهم «للخصخصة»، وعلى هذا قد اهتدت إلى جميع الآراء وهى ترى فى تعريفها «للخصخصة»، بأنها ليست هى أداة قانونية لنقل الملكية العامة إلى الملكية الخاصة فحسب، بل هى التعزيز والتعظيم لهذا الدور بطريق إدارة الأنشطة الاقتصادية للدولة... ثم أن المناخ الجيد الذى توفره الدولة من شعور المجتمع بالأمن واسقراره سياسيا واقتصاديا، وسعيها إلى منح حوافز الاستثمار وضماناته الممنوحة للقطاعات الصناعية، سواءً كانت عامة أو خاصة، كل هذه الأهداف هى الأسمى والأعلى بل هى «قدس الأقداس»، فى جذب الكثير والمزيد من الاستثمارات الوطنية والدولية والإقليمية، لأن الغاية من ذلك هى تحقيق معدلات أعلى فى النمو، وتحقيق التقدم والازدهار الاقتصادى وزيادة الدخل القومى ما يساهم فى تحقيق الرفاهية للشعب المصرى.

ثم ندخل إلى منهل أبواب العلم فى هذا البحث الرصين، حيث تشير أستاذتنا فى بابه الأول، إلى أن نظرية التطبيق الاشتراكى فى مصر، قد كرسها المشرع الدستورى فى أحد نصوص مواد دستور ١٩٧١ «الملغى»، إلا أن بعد تفكك الاتحاد السوفيتى السابق عام ١٩٩١ «روسيا الاتحادية الآن»، سقطت النظرية «الماركسية» فى أن تظل الدولة هى التى تملك كل مقومات النشاط الاقتصادى وتتحكم فى وسائل الإنتاج، وأصبح الفكر الرأسمالى ينبسط ويمتد فوق كل أرجاء المعمورة، والنشاط الفردى يسمو فى ميادين الإصلاح الاقتصادى دون أن يمتد سلطان الدولة إليه، فمن أجل أن تواكب مصر الركب العالمى فى هذا التطور الذى اجتاح العالم والتى هى جزء منه، كان لا بد وحَتْمًا من إعادة هيكلة النشاط الاقتصادى للمرافق العامة، ويكون ذلك بطريق الضوابط القانونية التى تنظم هذا العمل، ولقد تحقق ذلك بصدور القانون الشهير رقم ٢٠٣ لسنة 1991 والذى عرف «بقانون قطاع الأعمال العام»، وهو اللبنة الأولى الذى من خلاله أصبحت أسهم وسندات شركات القطاع العام يتم تداولها فى سوق الأوراق المالية «البورصة»، وعل أثر ذلك كان بداية تطبيق فكرة «الحرية الاقتصادية» ومنع تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى وتحرره من كل قيد يقيده، سواءً كان تقييدا قانونيا أو إداريا، وتشير الدكتورة «ميادة» إلى أن نشاط «الخصخصة» لا يمتد ولا يطال المرافق العامة الأخرى «الإدارية أو الدستورية» حتى لو حققت «الخصخصة» أهدافها من زيادة التوسع فى النشاط الاقتصادى، وهذه المرافق لاغنى للدولة عنها، فى أن تتولى الحكومة شئونها، وغلق باب طرح الأسهم فى البورصة أمامها، ولا حتى مجرد التفكير فى ذلك، لأنها قائمة على أساس حماية الأمن القومى والسلام الاجتماعى، وقوة ردع لكل من تسول له نفسه المساس بكيان البلاد أو يهدد أمنها واستقرارها، ومن أهم هذه المرافق الحيوية المتعلقة بمؤسسات الدولة الوطنية «الدفاع والشرطة والسلطة القضائية»، حتى الشركات والهيئات الصناعية المغذية لها، لا تدخل تحت سلطة النشاط الاقتصادى الفردى، وبالمثل أيضا الكيانات المرفقية التى تخدم الجمهور وفى خدمة الصالح العام، بغض النظر عن ما تحققه من ربح فقد جعلتها الدولة منحة تقدمها للشعب، وكلها تتعلق بوظائف «الضبط الإدارى»، مثل «السكينة العامة والصحة العامة ومصلحة سك العملة وطبع النقود.....».

والكتاب تتكلم فيه مؤلفته، عن أهم الأسس الفلسفية والنظرية فى تطبيق «خصخصة» المرافق العامة، وتتحدث أيضا عن الحرية الاقتصادية القائمة على النظام الرأسمالى بمذاهبها وأفكارها المتعددة، وقد اتخذت لنفسها منهاجاً قانونياً فى مؤلفها، استطاعت فيه أن توازن بين «الاقتصاد الحر» وتوغله على ملكية الدولة لأدوات الإنتاج، وبين بسط الدولة سيادتها على مرافقها الحيوية السيادية والأمنية، بالإضافة إلى المرافق ذات النفع العام التى تكون فى خدمة الشعب والطبقات الاجتماعية المختلفة، والتى تتولى الدولة رعايتها... والجدير بالذكر عندما يتصفح القارئ أوراق هذا البحث، فى أسلوب كتابته الواضحة فى المعنى، كأنه يبحر فى قراءة كتاب «ثروت الأمم» لمؤلفه المفكر الاقتصادى الأسكتلندى الشهير «آدم سميث»... حيث يتألف محتوى كتاب الدكتورة «ميادة» من مقدمة ليست بالطويلة ولا القصيرة، ولكنه يدخل فى المنطقة الوسطية والاعتدال لمفهوم مبادئ وأصول العلم الهادف، وبه بابان الباب الأول يتناول النظام القانونى لدراسة «خصخصة» قطاع الأعمال العام، ثم به فصول تشمل مطالب ومباحث وأفرعا تسرد الرقابة القضائية والدستورية على «الخصخصة»، ثم نأتى إلى الباب الثانى، وأيضاً تكوينه مثل الباب الأول، ويتحدث عن الشرعية الدستورية «للخصخصة»، وموقف القضاء المصرى منها، إلى جانب رقابة المجالس التشريعية بغرفتيها، ثم دور النقابات المهنية والعمالية والرقابة الشعبية (الرأى العام) وتأثيرها على برنامج «الخصخصة»، وقد قامت أستاذتنا بعمل دراسة مقارنة مع ديمقراطية الدول الغربية فى تطبيق «الخصخصة» مثل «فرنسا وبريطانيا» ومدى نجاحها فى هذه البلدان، وتنهى الكاتبة بحثها بخاتمة قصيرة للكتاب، والله ولى التوفيق.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الصحة العالمية: انهيار النظام الصحي في غزة يحول دون علاج المصابين
التالى وزيرة الخارجية الألمانية: على الأوروبيين حماية أنفسهم ضد الحرب الهجينة الروسية