الكنيسة الأولى أكدت حدث تناول يهوذا الإسخريوطيّ تأكيدا على ضرورة تناول الخاطئ، مهما كانت حالته، كفرصة للتوبة والرجوع عن خطاياه، يسوع المسيح جاء من اجل الخاطئ واعلن قمة حبه بقبول الخاطئ، ولذا كان آباء الكنيسة يستشهدون عادةً بحادثة تناول يهوذا الإسخريوطيّ، تلميذ المسيح الخائن، الذي خانه وسلَّمه إلى اليهود والرومان بقبلةٍ في بستان جثسيماني ليلة خميس العهد، في مقابل ثلاثين من الفضة كثمن الخيانة.
تناول يهوذا الإسخريوطيّ تلميذ المسيح الخائن
الرب يسوع المسيح كان طويل الأناة ورحوم على يهوذا الإسخريوطيّ إلى أخر فرصة، ولم ييأس أبدًا في رجوعه حتى وهو عازم على تسليمه إلى قادة اليهود والرومان، حتى وهو عازم على خيانته وقد قبض ثمن خيانته، بل منحه الرب تناول الجسد والدم لغفران الخطايا في العشاء الأخير لعله يتراجع عن خيانته، وهكذا منحه فرصة للتوبة والرجوع عن خطيته لأخر وقت ولأخر فرصة، لكي يؤكد لنا الرب يسوع المسيح على أنه يستمر إلى أخر وقت يطلب خلاص الخاطئ، ولا يسر أبدًا بهلاكه، وفنائه حتى لو أراد هو نفسه هذا.
تأكيد حدث تناول يهوذا الإسخريوطيّ في العشاء الأخير
لتأكيد حدث تناول يهوذا الإسخريوطيّ في العشاء الأخير، في العهدين القديم والجديد، للتأكيد على أن هذه الحادثة لها جذور في نبوات العهد القديم تحقَّقت في العهد الجديد
العهد القديم
هناك إشارة واضحة إلى تناول يهوذا من خبز العشاء الأخير في نبوة (مزمور 41: 9)، رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!
العهد الجديد
تناول يهوذا من خبز العشاء الأخير في إنجيل لوقا وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: ‘هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي . وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: ‘هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ
تصريح الرب يسوع نفسه عن تناول يهوذا الإسخريوطيّ
و يشير لوقا البشير إلى حضور يهوذا الإسخريوطيّ في أثناء تأسيس السيد المسيح التناول حيث يقول المسيح نفسه إن يد مُسلِّمه هي معه على المائدة كالتالي: وَلكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ ، ويستطرد السيد المسيح مؤكدًا على حضور يهوذا التناول وتحدَّث عن يهوذا الإنسان الذي سوف يُسلِّمه قائلاً: وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ!
عقب تصريح الرب يسوع عن مسلمه في انجيل يوحنا تسأل التلاميذ فيمَا بينهم حول مَن هو هذا الإنسان الذي أخبر السيد المسيح أنه سوف يُسلِّمه، مما يؤكد أن يهوذا كان لا يزال موجودًا وحضر وتناول كالتالي: فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: ‘مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هذَا؟
فكانت إجابة الرب يسوع المسيح وإشارته إلى الشخص الذى سوف يغمس اللقمة ويعطيه إياها كالتالي: أَجَابَ يَسُوعُ: ‘هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!‘. فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيِّ.
وهكذا بعدما تناول يهوذا دخله الشيطان وذهب ليسلِّم المخلص كالتالي: فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: ‘مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ . ويُقرِّر البشير يوحنا أن التلاميذ لم يفهموا ما حدث بين المسيح ويهوذا في وقتها، واعتقدوا أن المسيح أرسله ليشتري حاجة العيد ويعطيها للفقراء، لأن يهوذا كان معه صندوق المال المدخَر لمثل هذه الأمور كالتالي: وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْهَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ لِمَاذَا كَلَّمَهُ بِه، لأَنَّ قَوْمًا، إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا، ظَنُّوا أَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا لِلْفُقَرَاءِ