أثارت مصادقة البرلمان على مشروع قانون المالية لسنة 2025، الجمعة، سجالاً بين الفاعلين في الدفاع عن مكانة الأمازيغية داخل الخريطة اللغوية الوطنية؛ إذ أبرز بعضهم أن تخصيص مبلغ إجمالي يقدر بـ200 مليون درهم للأمازيغية، يصطدم بـ”حصيلة جد مخيّبة على مستوى المنجزات”، فيما يرى آخرون أن “الحكومة حققت رفعاً في الغلاف المالي الإجمالي المخصص لهذا الورش ليصل إلى مليار درهم في أفق 2025”.
“شفافية غائبة”
عبد الله بادو، فاعل أمازيغي، قال إن “الاعتمادات التي تقول الحكومة إنها رصدتها مهما كانت مرتفعة من وجهة نظرها فهي غير كافية، ولن تكون في صالح الأمازيغية مادامت الشفافية في تدبير صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرّقمي واستعمال الأمازيغيّة غائبة على الرغم من مئات التنبيهات”، مسجلا “غياب تقارير ومعطيات رسمية تبين حجم الاعتمادات التي تمّ صرفها في سبيل النهوض بهذه اللغة ضمن ميزانية تصاعدية وصلت إلى مليار درهم حسب قول الحكومة”.
بادو أفاد في تصريح لهسبريس بأن “ميزانية السنوات السابقة لا تقدّم أية بيانات حول هذا الورش. وهذه الضّبابية تطرح العديد من الأسئلة حول مدى مصداقية الحكومة في النهوض بوضعية الأمازيغية”، مضيفا: “أحيانا تفاجأ بمبادرات نابعة من هذا الصندوق دون الكشف عن المعايير المعتمدة. وهذا فتح للباب أمام الترضيات بين الأحزاب الموجودة في الحكومة بطبيعة الحال”.
وشدد الفاعل الأمازيغي على “وجوب إفراج الوزارة الوصية عن برنامج عملها في الشق المرتبط بتمازيغت أولا؛ لأن الإجراءات التي ظهرت عمليّا للعموم لا تتجاوز مستوى توظيف 460 عونا، وهي خدمة في إطار التعاقد مع شركات للمناولة لتقديم خدمات الإرشاد والتوجيه ببعض المؤسسات العمومية، بالإضافة إلى بعض مراكز الاتصال الهاتفي ببعض الوزارات”، مشيرا إلى أن الإجراء الأخير “لا يتجاوز 60 مستخدما”.
وبالنسبة لعضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا”، فإن “مليار درهم سيتم صرفها فقط في الجانب المتعلق بتوظيف مستخدمي الإرشاد والتواصل”، معتبرا أن “الاستمرار بطريقة الاشتغال نفسها يستنزف الميزانية في الوقت الذي يمكن أن يتمّ توظيف هؤلاء الأعوان وإدراجهم ضمن الميزانية الفرعية لكلّ قطاع حكومي أو مؤسسة عمومية”، وقال: “هذا يساهم بالفعل في الارتقاء باللغة الأمازيغية كلغة رسمية بمقتضى الوثيقة الدستورية”.
“وفاء بتعهّدات”
محيي الدين حجاج، منسق جبهة العمل الأمازيغي، قال إن “أول نقطة إيجابية لا بد أن نسجلها هي وفاء الحكومة بما تعهدت به منذ بداية الولاية، وهو الرفع التدريجي من الاعتمادات المرصودة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية إلى مليار درهم في أفق 2025، وهذا ما تحقّق فعلا في القانون”، مضيفا أن “الجهاز الحكومي منذ الإمساك بزمام السلطة التنفيذية أظهر رغبة وإرادة سياسيتين لرصد اعتمادات لم تكن قطّ من نصيب اللغة الأمازيغية خلال الحكومات السابقة”.
وتحدث حجاج، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أيضا عن “إنجازات حكومية مهمة لصالح الأمازيغية، لا سيما في التعليم عبر مضاعفة توظيف الأساتذة من 200 أستاذ متخصص سابقا إلى 600 حاليا، إضافة إلى إجراءات أخرى في قطاع العدل والإدارة”.
وتابع شارحا: “الحكومة لم ترفع شعارات عجزت عن تنفيذها، كما أن الميزانية العموميّة المخصّصة للأمازيغية ليست إنشاء لغويّا حاضراً في كلام المسؤولين الحكوميين دون وجود حقيقي على الأرض”، معتبراً أن “القول بأن الجهة الحكومية لم تحقق شيئا يذكر لفائدة تمازيغت، هو حكم قيمة ينطلق من قواميس المزايدة ابتداء”، وزاد:
“يمكن أن نتحدث عن الرفع لهذه الميزانية لتسريع الورش مستقبلا”.
ووصف حجاج ما عدّه “اعتراضا مجانيّا يدفع بأن سلّة الحكومة في حقل الأمازيغية فارغة”، بأنه “تشويش على العمل”، واستدرك بالقول إن “الإصلاح لم ينته، وليس كل ما رفع كالتزامات تحقّق، غير أن المهم أننا نتوفّر اليوم على تأسيس حقيقي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، وأن “هناك تعاطيا مع الورش مبنيا على معطيات مدرجة في قوانين المالية، وهذا الطريق هو الكفيل بأن نحصل في النهاية على وضعية متفق عليها لفائدة الأمازيغية”، خاتما بأن “ما تحتاجه هذه اللغة ليس هو المال فقط، بل الإرادة، وهي متحقّقة في قول وعمل الحكومة الحالية”.