أخبار عاجلة
حبس 5 أشخاص غسلوا 170 مليون جنيه من تجارة العملة -

لماذا يرفض القضاء الدستوري استماع النواب لممثلي القطاع الخصوصي؟

لماذا يرفض القضاء الدستوري استماع النواب لممثلي القطاع الخصوصي؟
لماذا يرفض القضاء الدستوري استماع النواب لممثلي القطاع الخصوصي؟

حاولت ورقة تحليلية صادرة حديثا البحثَ في ثنايا قرار المحكمة الدستورية رقم 243.24 المتعلق بالرقابة على النظام الداخلي لمجلس النواب (غشت 2024) والذي رأت من خلاله المحكمة بكون بعض مواد هذا النظام تخالف المبادئ الدستورية، بما فيها المادة 130 المتعلقة باستماع اللجان الدائمة بمجلس النواب لممثلي القطاع الخاص.

الورقة التي صاغتها مريم أبليل، الباحثة في القانون الدستوري، جاء فيها أن “المحكمة في قرارها، موضوع التعليق، قضت بعدم دستورية مقتضى المادة 130 الذي يسمح للجان الدائمة بالاستماع إلى فاعلين من القطاع الخاص”، مبرزة أنه “بالرغم من أن المحكمة الدستورية استندت إلى عدم وجود نص دستوري واضح ينظم هذا التفاعل، فإن هذا القرار يثير تساؤلات كثيرة حول مدى انسجامه مع روح الدستور التي تدعو إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية، وحول مدى توافقه مع التوجهات العالمية ذات الصلة بتقنين عمل جماعات الضغط وتنظيم تفاعلها مع المؤسسات البرلمانية”.

في سياق متصل، أبرز المصدر ذاته أن “من الواضح أن المحكمة الدستورية اعتمدت في القرار على مبدأ التقيّد الحرفي بالاختصاصات المنصوص عليها في الدستور والقوانين التنظيمية، حيث ترى أن أي توسيع للاختصاصات يجب أن يكون بناء على نصوص تشريعية واضحة؛ وهو ما غاب في هذه الحالة”، موردا أن رفضَ المحكمة ذاتها “مرتبطٌ بعدم وجود أساس دستوري أو قانوني ينص على إمكانية استماع اللجان الدائمة إلى فاعلين من القطاع الخاص”.

وزادت: “هل يجب أن تكون جميع المقتضيات المنصوص عليها في النظام الداخلي مذكورة صراحة في الدستور؟ أم أنه فقط يمكن الاكتفاء بوجود قواعد عامة في الدستور تضع إطارا عاما، بينما يتم تفصيل هذه القواعد وتوضيحها من خلال الأنظمة الداخلية والقوانين الأخرى؟”، مُردفة بأنه “فيما يتعلق بمسألة الاستماع إلى آراء فاعلين في القطاع الخاص أمام اللجان الدائمة، إذا لم ينص الدستور بشكل صريح على هذا الأمر، فهذا لا يعني بالضرورة أنه غير مسموح، إذ يمكن أن يتم تنظيم هذا المقتضى في النظام الداخلي للمجلس وفقا لمبادئ عامة مثل الديمقراطية التشاركية بشرط ألا يتعارض مع المبادئ الأساسية للدستور”.

وأشارت الورقة، التي نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات، إلى أن “النظام الداخلي يجب أن يتماشى مع المبادئ الدستورية العامة؛ حتى ولو لم يتناول الدستور كل تفاصيل الأنظمة الداخلية بشكل محدد، حيث لا يلزم ذكر كل التفاصيل في الدستور، ولكن يجب ألا تحتوي القوانين أو الأنظمة الداخلية على مقتضيات تتعارض مع المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الدستور”.

كما لفتت إلى أن “رفضَ السماح للجان البرلمانية الدائمة بالاستماع لفاعلين من القطاع الخاص يُقيّد إمكانية الحوار بين الفاعلين الاقتصاديين والبرلمان؛ مما يضعف روح التشاور والشراكة التي يسعى الدستور إلى تكريسها، حيث إن هذا القطاع بصفته مكونا اقتصاديا واجتماعيا له الحق في التفاعل مع المؤسسات التشريعية والسياسية لضمان تمثيل بطريقة شفافة وملزمة”.

وبعدما استعرضت تجارب نماذج ديمقراطية عالمية في هذا الصدد عادت مؤلّفةُ هذه الدراسة لتبيّن أن “استبعاد الفاعلين في القطاع الخاص من جلسات الاستماع أمام اللجان الدائمة يبدو غير مبررٍ، خاصة أن الديمقراطية التشاركية تقوم على إشراك كافة الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك القطاع الخاص؛ فهذا القطاع يشكل جزءا أساسيا من عملية التشاور وصنع القرار، نظرا لدوره المحوري في الاقتصاد وتأثيره المباشر على السياسات العمومية”.

كما ذكرت أن “استبعاد الفاعلين من القطاع الخاص يحد من شمولية التشاور ويقلل من الفعالية في إعداد التشريعات والرقابة على الفعل الحكومي وتقييم السياسات العمومية التي تحتاج إلى آراء متعددة لضمان التوازن والمصلحة العامة. من هنا، يعتبر إدماج القطاع الخاص في هذه العملية جزءا مهما من تحقيق ديمقراطية تشاركية شاملة ومتوازنة”.

وأورد المصدر ذاته أن “قرار المحكمة الدستورية قد يكون مُفرطا في الحذر، ويجب تطوير آليات قانونية تسمح بالتفاعل المنظم بين البرلمان والفاعلين من القطاع الخاص بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والديمقراطية التشاركية. كما أن تفاعل البرلمان مع القطاع الخاص لا يشكل تهديدا لاستقلاليته إذا تم تنظيمه بوضوح ووفقا لقواعد شفافة؛ بل يجب أن يكون هذا التفاعل عنصرا من عناصر تطوير الممارسات البرلمانية، حيث تستجيب للتغيرات المجتمعية والرقمية وتسهم في تطوير نظام برلماني يضمن إشراك أكبر لمكونات المجتمع ويحقق ديمقراطية مواطنة تشاركية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق درجات الحرارة الدنيا والعليا المرتقبة اليوم الثلاثاء
التالى الجامعة العربية تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا