تخطط الصين لإنشاء جزيرة طاقة متكاملة في أعماق البحر، في إطار جهود بكين للتوسع في استغلال المصادر النظيفة، لا سيما الرياح، لتوليد الكهرباء وإنتاج الهيدروجين.
ومع تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة الخضراء، تعمل الصين على تعزيز جهودها في قطاع الطاقة المتجددة، من خلال هذا المشروع الطموح، المُقرر إنشاؤه في أعماق البحر قبالة سواحل مقاطعة قوانغدونغ.
ووفقًا لتقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، صُنّف المشروع الذي سيُنفذه اتحادًا تكنولوجيًا تقوده شركة سي جي إن نيو إنرجي هولدينغز (CGN New Energy Holdings) لإنشاء جزيرة طاقة متكاملة في أعماق البحر واحدًا من أكثر 10 مشاريع هندسية تحديًا في البلاد لهذا العام.
ويستهدف مشروع إنشاء جزيرة طاقة متكاملة قبالة سواحل مقاطعة قوانغدونغ الصينية توليد الكهرباء من توربينات رياح بحرية عملاقة، واستعمالها لتحلية مياه البحر، وإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
تطوير جزيرة طاقة متكاملة
يمثل تطوير جزيرة طاقة متكاملة علامة فارقة في جهود الصين لتحقيق التحول نحو الطاقة الخضراء، مع إمكانية أن يصبح نموذجًا عالميًا لحلول الطاقة المستدامة في المستقبل.
وفي هذا الإطار، أعلنت شركة سي جي إن (CGN)، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، خططها لبناء منشأة متكاملة تعمل على استغلال موارد الطاقة المتجددة في أعماق البحر.
وتهدف هذه الجزيرة إلى توليد الكهرباء من توربينات الرياح البحرية العملاقة، واستعمالها لتحلية مياه البحر، وإنتاج الهيدروجين ومشتقاته مثل الأمونيا، وشحن هذه المنتجات النظيفة إلى البر الرئيس لتلبية الطلب على الوقود الأخضر.
وتأتي هذه الخطوة كجزء من إستراتيجية الصين للاستفادة من موارد طاقة الرياح البحرية وتقليل الاعتماد على الأراضي النادرة.
التحديات الهندسية
يفرض نجاح المشروع التغلب على العديد من التحديات الهندسية، إذ يُعد إنشاء من جزيرة طاقة متكاملة في أعماق البحر مهمة معقدة تتطلب حلولًا مبتكرة.
وفي هذا السياق، صنفت جمعية العلوم والتكنولوجيا الصينية هذا المشروع ضمن أكبر عشرة تحديات هندسية لعام 2024، مشيرة إلى العقبات المرتبطة بإنتاج الهيدروجين من مياه البحر، تخزينه ونقله، بالإضافة إلى بناء هيكل ضخم يتحمل الظروف القاسية في أعماق البحر مثل التآكل والأعاصير، فضلًا عن موجات المد العارمة.
ووفقًا لمسؤول محلي في مقاطعة قوانغدونغ، يجب أن يشمل المشروع بناء هيكل فولاذي كبير وعائم في البحر، إلى جانب وحدات لإنتاج وتخزين المواد الكيميائية، وفق ما أورد موقع "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
وأشار المسؤول إلى ضرورة تطوير منشآت إنتاج مصغرة وفعالة للهيدروجين ومشتقاته لضمان ملاءمة المساحة المحدودة على الجزيرة، موضحًا أن المواد القابلة للاشتعال تحتاج إلى مرافق تخزين ونقل خاصة لضمان السلامة، وأن التحدي الأكبر يكمن في الجمع بين جميع هذه العناصر على منصة واحدة تكون آمنة وصديقة للبيئة.
جهود البحث والتطوير
تُبرز هذه التحديات أهمية مضاعفة جهود البحث والتطوير لتنفيذ هذا المشروع الضخم، إذ تتعاون شركة سي جي إن مع العديد من المؤسسات البحثية والهيئات الصناعية لتطوير حلول تكنولوجية متقدمة تشمل تقنيات طاقة الرياح البحرية، الشبكات الصغيرة، وإنتاج ونقل الأمونيا الهيدروجينية.
ويتطلب المشروع أيضًا تطوير برامج حاسوبية مخصصة لتصميم المشروع وفقًا للظروف الديناميكية للبحر، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتواجه الصين تحديًا إضافيًا يتمثل في تجنب تأثير المرافق البحرية على ممرات الشحن والموانئ ومصائد الأسماك، ما يجعل التوجه نحو أعماق البحر ضرورة ملحة.
وبينما تسعى الصين إلى تحقيق تقدم في هذا المجال، تعمل الدول الأوروبية المطلة على بحر الشمال أيضًا على توسيع قدراتها في طاقة الرياح البحرية.
وتخطط كل من الدنمارك وبلجيكا لإنشاء وتشغيل "جزر طاقة" مشابهة بحلول عام 2030، في خطوة لتوسيع إنتاج الطاقة المتجددة، إذ تتجه شركة كوبنهاجن لجزر الطاقة، لاستثمار 150 مليار يورو (159 مليار دولار أميركي)، خلال العقود المقبلة، على سلسلة من جزر الطاقة الخضراء، التي ستستعمل توربينات رياح ضخمة لتوليد الكهرباء وتشغيل إنتاج الهيدروجين الأخضر في البحر.
ويُخطط الاتحاد الأوروبي لتوليد ما لا يقل عن 300 غيغاواط من جزر الطاقة الخضراء بحلول عام 2030، أي أكثر من 10 أضعاف المستوى الحالي الذي تنتجه مزارع الرياح البحرية.
*اليورو = 1.06 دولارًا أميركيًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..