اقرأ في هذا المقال
- انبعاثات الغاز المسال تتجاوز أيّ وقود أحفوري على مدار 20 عامًا
- وَصْف الغاز المسال بأنه حل لخفض الانبعاثات تضليل بيئي
- عمليات الإسالة والتغويز وتسربات الميثان تزيد انبعاثات الغاز المسال
بات تأثير الغاز المسال في المناخ موضع فحص ودراسة متمعنة، بعدما برز بمثابة لاعب رئيس في المشهد العالمي للطاقة.
وأثارت الأبحاث الأخيرة مخاوف بالغة إزاء التأثير المناخي للغاز المسال، وهذه النتائج تتحدى الرأي السائد بأن الغاز المسال بديل أنظف لمصادر الوقود الأحفوري التقليدية.
فقد أوضحت دراسة حديثة، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن تأثير الغاز المسال في المناخ قد يكون أسوأ من أيّ وقود أحفوري آخر، بما في ذلك الفحم.
وخلصت إلى أن للغاز المسال انبعاثات من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على امتداد 20 عامًا، أعلى من الفحم بنسبة 33% عند النظر إلى الانبعاثات الناتجة خلال دورة حياته.
مدى تأثير الغاز المسال في المناخ
رغم أن الفحم أكبر مصدر لانبعاثات الكربون، ويسهم بدرجة كبيرة في الاحتباس الحراري، إلا أن الدراسة، التي أجراها العالم الأميركي المتخصص في النظم البيئية، روبرت هاورث، وجدت أن تأثير الغاز المسال في المناخ أكبر عند أخذ جميع الانبعاثات الناجمة عن عمليات الإنتاج والاستعمال في الحسبان.
وتشير الدراسة المنشورة في مجلة "إنرجي ساينس آند إنجنيرينغ" إلى أن قرابة ثلثي إجمالي انبعاثات الغاز المسال تحدث في أثناء عمليات الاستخراج والنقل والمعالجة، وليس في أثناء عمليات الحرق.
وتؤدي انبعاثات الميثان المرتبطة بالغاز المسال دورًا أساسيًا، فالميثان من غازات الدفيئة القادرة على حبس الحرارة بنحو 80 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون على مدى 20 عامًا، وبقرابة 28-34 مرة على مدى قرن.
وتمثّل انبعاثات الميثان خلال عمليات المنبع والمصب 38% من إجمالي انبعاثات الغاز المسال، ويحدث أغلب تسربات الميثان خلال عمليات التكرير والنقل والتوزيع.
ورغم أن انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الفحم أكبر من الغاز الطبيعي، فإن انبعاثات الميثان من الغاز يمكن أن تعوّض هذا الفارق.
انبعاثات الغاز المسال
أوضحت الدراسة أن انبعاثات الغاز المسال أعلى من تلك الناتجة عن الغاز الطبيعي اللازم لإنتاجه، بسبب الطاقة المطلوبة لعمليات الإسالة والنقل وإعادة التغويز.
وعلى وجه التحديد، تستهلك عمليات الإسالة قدرًا كبيرًا من الطاقة، ولتقييم إجمالي تأثير الغاز المسال في المناخ بدقّة، ثمة حاجة إلى تقييم دورة حياته، ما من شأنه فحص الانبعاثات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والاستهلاك.
ويشير عالم النظم البيئية، روبرت هاورث، إلى أن ما يقرب من نصف إجمالي الانبعاثات المرتبطة بإنتاج الغاز المسال يحدث خلال نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى المحطات الساحلية بعد الاستخراج، كما قد تنتج الانبعاثات خلال مراحل أخرى من الإنتاج، مثل التبريد والشحن.
فضلًا عن ذلك، تسهم الانبعاثات الناتجة عن نقل الغاز المسال عبر الناقلات بنحو 5.5% من إجمالي الانبعاثات المرتبطة بهذا الوقود، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وذكرت الدراسة أن الناقلات الحديثة تنتج انبعاثات أعلى من الناقلات القديمة العاملة بالبخار، ويرجع ذلك إلى إطلاق غاز الميثان في العادم.
ويرى هاورث أنه من غير الواقعي الاعتقاد بأنه يمكن تصدير الغاز دون إنتاج أيّ انبعاثات، منتقدًا فكرة أن شحن الغاز يمكن أن يكون بمثابة حل لتغير المناخ، ووصفها بأنها شكل من أشكال التضليل البيئي تمارسه شركات النفط والغاز.
الغاز المسال الأميركي
سلّطت الدراسة المعنية بتأثير الغاز المسال في المناخ الضوء على الانبعاثات المرتبطة بصادرات الغاز المسال الأميركي، لا سيما أن الولايات المتحدة أكبر مصدّري هذا الوقود في العالم.
وخلال المدة من 2019 و2023، تضاعفت صادرات الغاز المسال الأميركي، ومن المتوقع أن ترتفع مرة أخرى في السنوات الـ4 المقبلة إذا سمحت الحكومة بذلك.
وبدءًا من عام 2023، شكّلت صادرات الغاز المسال الأميركي 21% من الصادرات العالمية، ويوضح الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، تصدُّر أميركا قائمة أكبر 10 دول مصدّرة للغاز المسال في الربع الثالث من 2024:
وفي يناير/كانون الثاني (2024)، قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وقف منح تصاريح تصدير الغاز المسال الجديدة؛ للسماح بإجراء المزيد من الدراسات حول التداعيات البيئية، مع التركيز على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مثل الميثان.
ويزعم المؤيدون لزيادة صادرات الغاز المسال الأميركي أنها توفر فوائد مناخية من خلال الحدّ من استعمال الفحم في أوروبا وآسيا، ومن ثم الحدّ من زيادة انبعاثات الكربون.
على الجانب الآخر، يحثّ القادة المتخصصين بالسياسات المناخية العالمية على التحول السريع بعيدًا عن جميع أنواع الوقود الأحفوري، بما في ذلك الغاز الطبيعي، وليس الفحم فقط.
ويعتقد مؤلف الدراسة أنه لا يوجد مبرر لاستعمال الغاز المسال بصفته حلًا مؤقتًا، خاصة أن التحول من الفحم إلى الغاز المسال يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، بداية من السفن ومحطات الإسالة إلى خطوط الأنابيب.
وبدلًا من ذلك، سيكون من الأفضل تخصيص الموارد المالية نحو خلق مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري، وتطوير مصادر الطاقة المستدامة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..