اقرأ في هذا المقال
- صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا تشهد كبوة مطولة
- تتأثر الصناعة بضعف الطلب على السيارات الكهربائية
- 70 % من سعة المشروعات المعلنة في هذا القطاع تواجه عدم يقين
- قد تضطر أوروبا إلى مواصلة اعتمادها على واردات تلك البطاريات
- لا توجد هناك تمويلات أوروبية جديدة للمعادن الحيوية الداعمة لصناعة تلك البطاريات
ما تزال صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا عاجزةً عن الخروج من كبوتها الحالية؛ ما يجعلها أسيرة الإمدادات الخارجية، لا سيما تلك الآتية من الصين والولايات المتحدة.
وتتنوّع التحديات التي تعرقل سلسلة إمدادات صناعة بطاريات المركبات الكهربائية في أوروبا، من ضعف الطلب على تلك السيارات منخفضة الانبعاثات، وانخفاض الدعم الحكومي اللازم لتطوير البطاريات المُنتَجة محليًا، من بين عوامل أخرى.
ويغلّف قرابة 70% من سعة المشروعات المعلَنة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا عدم يقين لأسباب مختلفة، مثل تأخُّر تنفيذ تلك المشروعات وتحديات التمويل وقضايا التراخيص، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتفتح التحديات المذكورة الباب أمام تزايد هيمنة المصنعين الصينيين على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا، بدعم من منتجاتهم الرخيصة والأكثر كفاءة، واحتكار سلاسل إمدادات المعادن الضرورية لتصنيع البطاريات.
صراع لا ينتهي
تصارع صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا تحديات كثيرةً تعرقل قدرتها التنافسية وتنسف آمالها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك التقنيات، وفق ما أوردته منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
وأُلغيت خُطط لإنشاء 10 مصانع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا منذ عام 2018 وحتى النصف الأول من عام 2024.
وتشير إلغاءات الخُطط تلك المقترنة بنمو الطلب المرتقب على البطاريات، إلى هبوط متوقع نسبته 72% في المعروض نسبةً إلى الطلب على السيارات الكهربائية وحدها، بحسب "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".
وفي ظل عدم قدرة الإنتاج المحلي على تلبية قرابة 3 أرباع الطلب، ستضطر أوروبا إلى مواصلة اعتمادها القوي على الواردات.
وبينما لا يواجه اللاعبون الرئيسون في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا أي صعوبات في التوسع، يعاني وافدون جدد على القطاع الأمرَّين، مضطرين إلى إلغاء خططهم في هذا القطاع.
وتسرد "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" 5 تحديات تعرقل نمو وازدهار صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا، وهي كالآتي:
1- تباطؤ نمو الطلب على السيارات الكهربائية
سيلامس الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا 1.852 غيغاواط/ساعة في عام 2028، تراجعًا بنسبة 22% عن توقعات مماثلة في أغسطس/آب (2023)، حينما سجّلت 1.382 غيغاواط/ساعة، وفق توقعات صادرة عن وحدة "إس أند بي غلوبال موبيليتي" التابعة لمنصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" في أغسطس/آب (2024).
ويُسهم نقص التحفيزات الشاملة لكل من منتجي السيارات الكهربائية ومشتريها، مقترنةً بارتفاع أسعار السيارات، في عرقلة نمو سوق المركبات الكهربائية؛ ما أثر سلبًا في الطلب على البطاريات والاستثمارات في تصنيع البطاريات المحلية.
وكان يتعيّن على مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الأوروبيين تغيير إستراتيجياتهم عبر خفض سعات الإنتاج وإعادة توطين تلك الصناعة في الولايات المتحدة أو جنوب آسيا.
2- التحول في كيمياء البطاريات
يُنتِج ما يصل إلى 91% من المصانع العاملة في أوروبا بطاريات النيكل والمنغنيز والكوبالت، وتركزت عمليات إلغاء خُطط إنشاء مصانع بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا أساسًا على المصانع المخصصة لإنتاج تلك الأنواع من البطاريات؛ ما يعكس تفضيل السوق المتزايد لبطاريات فوسفات الحديد والليثيوم.
وعلى الرغم من انخفاض كثافة الطاقة في بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم، فإنها أرخص كثيرًا، وتتمتع بتركيب كيميائي أكثر استقرارًا؛ ما يجعلها أكثر أمانًا وملاءمةً للسيارات قصيرة المدى.
3- عدم اتساق الدعم الحكومي والأطر التنظيمية
يعرقل نقص الدعم الحكومي في البلدان الأوروبية إمكان إنتاج البطاريات محليًا، وفي معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتسلط حالات الإفلاس بين مصنعي البطاريات الجديدة قبل إكمال بناء المصانع، الضوء على الحاجة إلى ضخ استثمارات قوية، ولوائح تنظيمية واضحة لدعم سلسلة إمدادات البطاريات.
ومن الممكن أن تكون عملية الحصول على الموافقة التخطيطية لمصانع بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا، مطولة ومعقدة نوعًا ما، نظرًا إلى أن كل بلد لديه لوائحه وإجراءاته التنظيمية الخاصة؛ ما يعقّد عملية استصدار التراخيص بصورة أكبر.
ففي ألمانيا، على سبيل المثال، تتسم عملية استصدار التراخيص المذكورة بالسرعة، ومع ذلك تتراوح المواعيد الزمنية الحقيقية للحصول على تلك التراخيص من 3 إلى 5 سنوات؛ اعتمادًا على درجة تعقيد المشروع.
4- التطور المحدود في إمدادات المواد الخام
تتعرقل الجهود التي تبذلها أوروبا بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الخام الحيوية بفعل العديد من التحديات، وفقًا لمحللي "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، بما في ذلك عمليات التصاريح التي تستغرق وقتًا طويلًا، ومعارضة السكان المحليين في تطوير إنتاج الليثيوم، والقيود المفروضة على احتياطي الكوبالت والنيكل، والتعامل مع النفايات الناتجة عن معالجة المعادن، والتأثيرات البيئية حال تعدين الغرافيت.
وينص قانون المواد الخام الحيوية في الاتحاد الأوروبي على أن يمثّل الإنتاج الإقليمي 40% من استهلاك الاتحاد الأوروبي لعملية المعالجة، و10% بالنسبة إلى استخراج تلك المعادن الحيوية بحلول عام 2030.
ومع ذلك لا توجد هناك تمويلات جديدة مخصصة للمعادن الحيوية الداعمة لتلك الأهداف الطموحة، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وينتُج عن محدودية توافر تلك المواد داخل أوروبا نقاط ضعف في سلسلة الإمدادات، ونقص الوضوح والشفافية بالنسبة إلى الشركات الساعية إلى ضخ استثمارات في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا.
5- الدعم الأميركي الجاذب للمصنعين
ينقل المنتجون في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا عملياتهم إلى الولايات المتحدة، نتيجة وضوح اللوائح التنظيمية، وآليات الدعم القوي التي أوجدها قانون خفض التضخم الذي أقرته إدارة الرئيس جو بايدن في عام 2022، بما في ذلك مبادرات مثل الائتمان الضريبي للاستثمار والتعرفات الجمركية لتعزيز الإنتاج المحلي.
ومع ذلك أصبح المشهد في الولايات المتحدة يكتنفه عدم اليقين، مع توقعات تغير السياسات في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وهناك توجهات قوية لزيادة تعرفات الواردات؛ ما سيرفع التكاليف بالنسبة إلى البطاريات الصينية المستوردة، ويعزّز القدرة التنافسية للإنتاج المحلي في الولايات المتحدة.
كما تفرض التدابير الجديدة تعرفات جمركية على المدخلات الرئيسة لسلسلة إمدادات السيارات الكهربائية، التي تبرز الصين مصدرًا رئيسًا لها -إن لم تكن المصدر الوحيد- بما في ذلك بطاريات الليثيوم أيون والمعادن الحيوية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..